للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقدير هذا. وكان يقول: لا يُلْتزَم تجديد الوضوء بالنذر؛ من جهة أنه لا أصل لإيجاب الوضوء من غير حدث فلا يُلْتزَم، في كلامٍ لا حاجة إلى ذكره على وجهه.

١١٨٣٨ - والذي [أرى] (١) التعلُّقَ به في ضبط كلام الأصحاب الأولين منهم والمتأخرين أن أقول: العبادات المقصودة التي شرعت عباداتٍ، وتحقق اهتمام الشرع بتكليف الخلق إيقاعَها على حقيقة العبادة ملتزَمةٌ بالنذر، ولا حاجة إلى تقدير وقوعها في واجبات الشريعة، فُتُعْمد (٢)، على أن الاعتكاف لا أصل له في واجبات الشريعة، ولكنه شرع عبادةً مقصودة، فاتجه التزامه بالنذر، ولا فقه تحت اشتراط وقوع مثل المنذور واجباً في الشريعة؛ فإن الملتزَم يثبت وجوبه ابتداء، فانتظم هذا الأصل؛ من غير احتياج إلى الاعتذار عن الاعتكاف بما لا يتجه.

ثم هؤلاء يقولون: لو نذر الرجل عيادة مريض، أو زيارة قادمٍ، أو إفشاء السلام، فهذه الأشياء لا تلتزم بالنذور؛ فإنها لم تثبت عبادات، وإنما هي من القُربات التي إذا أخلص المرء فيها، وابتغى وجه الله، ارتجى ثواباً. ولسنا بعدُ في التزام التوجيه، وإنما [نحن] (٣) في ضبط [المذهب] (٤).

[وأما] (٥) المتأخرون؛ فإنهم ذهبوا إلى أن القربات بجملتها تلتزم بالنذر التزام العبادات؛ فإن ما أُثبت قربةً بمثابة ما أثبت عبادة، واستثنى القاضي من هذا المسلك، وقال: كلُّ قربة ملتزمةٌ بالنذر، إذا كان لا يفضي الأمر إلى إبطال رخصة، وبيانه أن من نذر أن يُتم الصلاة، ويصوم في السفر في رمضان، ثم أراد أن يَقْصُر، كان له ذلك، وإذا أراد أن يُفطر، فله أن يفطر، وإذا نذر المريض الذي يجوّز له الشرع الصلاة قاعداً -مع القدرة على القيام- أن يقوم، ويتكلف المشقة، فلا يلزمه الوفاء


(١) في الأصل: " أدنى " والمثبت من المحقق. والحمد لله فقد صدقتنا (ق).
(٢) كذا. والمعنى أنه لا حاجة لاشتراط وجوب العبادة حتى تُعْمَد وتُقْصَد بالنذر، بل كل عبادةٍ مشروعة يصح أن تُلتزَم بالنذر.
(٣) في الأصل و (ق): " نحرص ".
(٤) في الأصل: " المذاهب ". والحمد لله فقد صدقتنا (ق) فيما قدرناه.
(٥) في الأصل: " وإنما ".