للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كذلك- وقد ذكرنا الخلاف في نذر الصوم نهاراً، حيث يجوز التطوع بالصوم، وهذا بالإضافة إلى الصوم الواجب شرعاً بمثابة الركعة إلى أقلِّ واجبٍ في الصلاة، وانتظم الصوم والصلاة على قضية.

ولو قال: لله علي صومُ يومٍ، لم يكفه أن ينوي نهاراً لاسم اليوم-[وإن] (١) قلنا: المتطوع لو نوى نهاراً، انعطفت النية- فلا يقع الاكتفاء (٢) بهذا، والمنذور يومٌ.

[ولعِلّةِ] (٣) مَنْعنا نذرَ صومِ بعضِ يوم، فلو قال: لله علي صومُ بعضِ يوم، فللأصحاب وجهان: أحدهما - أن النذر يلغو؛ فإنه [التزم] (٤) ما لا يمكن الوفاء به. ومنهم من قال: يلزم صوم يوم كامل بنية مُبَيَّنة.

ويُخرَّج على هذا أنه لو قال: لله علي أن أركع أو أسجد -والركوع الواحد لا يلتزم بالنذر- فهل يلزمه ما يلزم ناذر الصلاة؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه آنفاً.

وكان شيخي يقطع بأن السجدة الفردة لا تلتزم بالنذر -وإن كان التالي يسجد- فإن السجدة الفردة من غير سبب ليست قربة على الرأي الظاهر كما قررته في كتاب الصلاة.

فهذا ما أردنا تقديمه.

١١٨٧٢ - والآن نعود إلى مقصود الفصل: فإذا قال: لله علي أن أصوم يوم يَقْدَم (٥)


(١) في الأصل: " فإن ". والمثبت من تصرّف المحقق، رعاية للسياق.
(٢) سبق أن عَرَضت هذه المسألة، وقال الإمام: يكفيه نية صوم هذا اليوم، ويقع عن نذره، مخالفاً ما قاله هنا.
وقد سجل الغزالي ذلك في البسيط، حين عرض لهذه المسألة، حيث قال: " ولو قال: لله علي صوم يومٍ، فنوى نهاراً -والتفريع على تنزيل النذر على الممكن، لا على الواجب، وقلنا: إن الناوي نهاراً صائم من أول اليوم- فالقياس أنه يكفيه، كما ذكرنا من قبل. وقد ذكر الأمام هاهنا القطع بأنه لا يكفيه، وذكر في الفصل السابق أنه يكفيه، وأحدهما غلط لا محالة، أو فيه وجهان. والذي أظنه أنه يكفيه، والآخر بعيد، لأنه التزم صوم، وهذا صوم يوم، وإن جرت النية نهاراً " (ر. البسيط: الجزء السادس/ورقة ٨٥ وجه).
(٣) في الأصل: " ولعل ".
(٤) في الأصل: "التزام".
(٥) يقدم: من باب تعب.