للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أثنى الله تعالى على داود باجتهاده مع خطئه في قوله: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٨] الآية، قال الحسن: لولا هذه الآية، لرأيت أن الحكام قد هلكوا.

ثم قال بعض العلماء: أجر المخطىء على مقابلة قصده في طلب الصواب، وقال آخرون: هو على مقابلة استداده في بعض النظر، والمخطىء في الغالب يستدّ أولاً، ثم يزورّ، والمسلك الأول أقرب؛ فإنه قد يحيد في أول نظره عن سنن الصواب، وهو مأجور بحكم الخبر المأثور، حملاً على قصد الثواب. ولو أخطأ القاضي، وتعيّن له الخطأ، فحق عليه أن يُتْبع خطأه بالنقض، ويستفرغ في استدراكه الجهد.

ولو علم أنه أخطأ في قضيته، لكنها استبهمت عليه واختلطت بالأقضية، فيتعيّن عليه البحث، فإن بذل الجهد ولم يعثر، فلا عليه، وإذا كان [قبله مصروفٌ قضى به] (١). فليس عليه أن يتَّبع أقضيتَه، ولكن ما رفع منها إلى مجلسه وادُّعي فيها شططٌ، قضى فيها بموجَب الشرع، وسيأتي في الصارف والمصروف وصفات القضاة فصولٌ منتظمة في آخر الكتاب، إن شاء الله عز وجل.

فصل

قال: " وإذا تحاكم إليه أعجمي لا يعرف لسانه لم يقبل الترجمة عنه إلا بعدلَين ... إلى آخره " (٢).

١١٨٩٩ - القاضي لا يتصور أن يكون أعجمياً؛ فإن الشرط أن يكون مجتهداً على المسلك الأصح، كما سيأتي إن شاء الله.

ومن ضرورة ذلك أن يكون عليماً بلغة العرب، فإن الشريعة عربية. فإن كان أحدُ الخصمين أو كلاهما أعجمياً، والقاضي لا يعرف لسانهما، فلا بد من الرجوع إلى قول المترجم.


= وأبي هريرة (اللؤلؤ والمرجان: الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد: فأصاب أو أخطأ، ح١١١٨ (٢/ ١٩٥)).
(١) في الأصل: " وإذا كان مثله مصروف به ".
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٤٢.