بالصفات التي ذكرناها، مثل أن يقول: قضيت على محمدِ بنِ أحمدَ -فهذا لغوٌ؛ فإن التمييز لا يحصل به، وإذا لم يحصل التمييز به، فليس القضاء معتمداً، فكان لغواً مطَّرحاً. وسيكون لنا انعطاف على هذا بعد بيان ما هو الأصل.
فنقول: إذا سمى وارتفع في النسب، وأبلغ في الإعلام وأبرم القضاء، ونقل كتابه مع شهود الكتاب، فإن رُفعَ الخَصمُ صاحبه إلى مجلس القضاء، واعترف بأني أنا المعيّن المسمّى الموصوف، فيقول له القاضي: فما قولك؟ فإن أقر بالحق، كلفه الإيفاء، وإن أنكر سُمِّعَ بيّنة الكتاب والشهودِ عليه، وألزمه الإيفاء. ولو قال: لست مسمّىً بهذا الاسم، ولا معيّناً بالكتاب، وليست الأسماء المذكورة أسماءَ آبائي وأجدادي، فعلى حامل الكتاب أن يثبت أنه مسمّىً بهذه الأسماء ببيّنة يقيمها، فإن فعل، اطرد القضاء عليه، وإن لم يجد بينة يقيمها على ما أنكره من الأسماء، تعطّل الأمر. فلو قال: أحلِّفُكَ على ما أنكرت، فله ذلك، فإن حلف انصرف القضاء عنه، وإن نكل، رُدت اليمين على حامل الكتاب، فإن حلف ثبت غرضُه، واطرد القضاء على المرفوع إلى مجلس القاضي المكتوب إليه.
١١٩٣٨ - ولو أنكر الخصم المرفوعُ الاسمَ، ولم يجد ناقلُ الكتاب بينةً، فطلب اليمين، فقال الخصم المرفوع: لا أحلف على نفي الاسم، ولكن أحلف على أنه لا يلزمني تسليمُ شيء إليك، فقد قال الصيدلاني: تقبل اليمين منه على هذا الوجه، ويُدْفَع القضاء، [ويشهد لهذا](١) الأصلُ المعروف في ذلك، وهو أن الرجل إذا ادعى جهةً في الاستحقاًق على شخص، فلم يتعرض المدعَى عليه لها، واقتصر على قوله لا يلزمني تسليمُ شيء إليك. فهذا مقبول، واليمين بِحَسَبه مسموعةٌ، وهذا كالرجل يقول: أقرضتك ألفاً، وكان المدعى عليه اقترض الألف ولكن أداه، ولو اعترف بالأصل لا يقبل قوله في دعوى الأداء.
(١) ما بين المعقفين تقدير منا بناء على السياق، واستئناساً بعبارة الغزالي إذ قال: " قال الصيدلاني: له ذلك؛ بناء على الأصل المعروف وهو ... " (ر. البسيط: جزء ٦ ورقة: ١١٠ يمين).