للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو قال [قائل: لو] (١) نصب الإمام حاكماً في التقويم، فهل يسوغ، وإن ساغ، فهل يُكْتَفى به على اتحاده على ما مهدناه [في] (١) المزكي؟ قلنا: هذا مشكل.

وكذلك لو فرض مثلُه في القاسم، فإن كان المنصوب [للقسمة] (٢) منصوباً ليشهد عنده مُقَوِّمان، فهذا سائغ، وكذلك المزكي إن نُصب ليشهد عنده العدول على الجرح والتعديل [على] (٣) الشرائط المعلومة، فهذا جائز.

فأما إن كان المنصوب للتقويم يُعوِّل على علم نفسه، على اجتهاده [وبصيرته] (٣)، فما أرى ذلك جائزاً، وأطْرُد هذا في التزكية؛ فإن التزكية لا تستقل بنفسها ما لم تُنْهَ [إلى] (٤) القاضي، وهو الذي يقضي بها.

فإثبات اسم الحاكم للمزكي، والاكتفاء ببصيرته لا حاصل له إلا رد مزكيين [إلى] (٤) واحد، وهذا غير محتمل فيما يشترط العدد فيه.

وقد ذكرت في التزكية كلاماً فيه طرف من الإبهام وهذا إتمامه، فليجمع الناظر هذا إلى ما تقدم.

ولو بنى القاضي الأمر على بصيرته في التزكية، لجاز ذلك، كما قدمناه، مذهباً واحداً، وإن اختلف القول في أن القاضي هل يقضي بعلمه.

ولو كان القاضي خبيراً بمعرفة القيم، فأراد بناء الأمر على بصيرته في التقويم؛ فالذي تلقيته من كلام الأصحاب شيئان: أحدهما - أن ذلك لا يسوغ؛ فإن التقويم اجتهاد، وليس له في المجتهدات الاكتفاء ببصيرة نفسه، وإنما اختلاف القول في قضائه بالعلم واليقين المستدرك، والقضاء في العدالة مستثنى عن قياس الأبواب؛ لاتساع النظر في التعديل والجرح، وخروجهما عن الضبط، وليس التقويم كذلك؛ فإنه أمر قريبٌ من الضبط، والرجوع فيه إلى معرفة قِيَم الأمثال مع تداني الصفات.


(١) تقدير من المحقق مكان الذي ذهب من أطراف الحروف.
(٢) في الأصل: " للقيمة ".
(٣) اختيار من المحقق.
(٤) تقدير منا على ضوء السياق.