للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضرورة إفراز نصيبين تميز نصيب الثالث، فكأن الأَوَّلين (١) استحقا عليه ما يؤدي إلى إفراز نصيب الثالث، فإذا أراد الثالث أن يبتدىء استئجاراً، فكأنه يبغي بهذا الاستئجار عملاً هو مستحَق لغيره، أو مستحق على الأجير من جهة غيره، هذا هو الإشكال.

وقد أجاب القاضي عنه كما (٢) وجه عليه بأن قال: لا بد في [إفراز] (٣) النصيبين من عمل في النصيب الثالث [، كالمساحة] (٤)، والتخطي لأجلها، وإثبات الأسماء، والقرعة، فيصح الاستئجار من الثالث على هذه الأعمال.

وهذا الذي ذكره لا يَشفي الغليل ولا يدرأ الإشكال.

وسبيل الجواب أن استئجار الأوّلَيْن لا يتم الغرض منه ما لم يستأجر الثالث؛ فإن هذا مفروض في غير الإجبار. وكيف يتأتى تمييز الحصتين إلا بالتصرف في حصة الثالث، فإن فرضنا التراضي (٥)، فالامتناع للتصرف في ملك الغير من غير رضاه.

وإن فرضنا [الإجبار] (٦) من جهة السلطان، فهو يُنزل المؤونةَ عليهم على اجتماع.

فالمشكل أنَّ انفراد كل واحد بالاستئجار بعيدٌ عن التصور؛ فإن القسمة من ضرورتها بسط العمل على الحصص، فكما أن المِلك قبل القسمة غير متميز، فعمل القسّام في القسمة غير متميز، فإن كان الشركاء على الاستئجار من غير تسامح، ووجدوا أجيراً يتبرع على أحد، فانفراد بعض الشركاء بالاستئجار محالٌ غير متصور.

ولو قال بعض الشركاء: أنا أستأجر القسام، ورضي شريكه أو شركاؤه، فهو متبرع على شركائه، وقد أذن له شركاؤه أن يُعْمِل قاسماً، وليس هذا ما نريد. نعم، لو استأجروا قاسماً دفعة واحدة، وتفاوتوا في الملتزَم مع التساوي في الحصص، أو تفاوتوا على خلاف نسبة الحصص المتفاوتة، فهذا جائز؛ فإن عمله يستحق دفعة


(١) كذا. وهو صواب، فإذا تقدم المعدود تجوز الموافقة في التذكير والتأنيث.
(٢) كما: بمعنى عندما.
(٣) في الأصل: " إقرار".
(٤) في الأصل: " كالمساجد".
(٥) أي قسمة التراضي.
(٦) في الأصل: "الإخبار".