وِفاز، وربما ينقطعون عن الرفاق لو أُخروا، فالأصح أن القاضي لو أراد تقديم المسافرين، ورآه رأياً، فله ذلك.
وكذلك إذا حضرت النساء مع الرجال وخفّ أمرهن، بحيث لا يظهر من تقديمهن أثر وضرر، فللقاضي أن يقدمهن حتى ينقضي انكشافهن، ويتميّزن عن الرجال.
فإن كثر المسافرون والنساء، وكان معظم الضرر على الرجال وأهل الحضر، فلا تقديم، والأمر مردود إلى القرعة إن استَووْا، وإن سبق بعضهم، فالسبق لمن سبق، وليس له بحق السبق أو القرعة أن يدّعي على خصم، ثم بعده على آخر، وإنما يستفيد بهذا خصومة واحدة مع شخص واحد.
ولو أراد أن يدعي على خصم واحد دعويين أو ثلاثة قال القاضي: يحتمل ذلك وجهين، ومنشؤهما من تردد في كلام الشافعي واختلافٍ في كيفية قرائته. قال:" لا يسمع منه في مجلس إلا في حكم واحد " قراً بعضهم إلا في حكمٍ واحد مع التنوين، وموجَب هذا ألا يزيد على خصومة واحدة، وإن اتحد المدعى عليه كما لو تعدد المدعى عليه، وهذا هو القياس، ومنهم من قراً إلا في حكمِ واحدٍ على الإضافة من غير تنوين، ولا يبعد أن يفهم منه فصل خصومات مع شخص واحد. هذا بعيد. ثم لا مزيد على الثلاث.
وهذا فتح باب لا أصل له، فالوجه ألا يزاد على خصومة واحدة بحق السبق والقرعة.
ومن أصحابنا من يقول: لا يقدَّم مسافر ولا امرأة، وليس إلا اتباع السبق أو القرعة.
وإذا استبق طلبة العلم، نُظر: فإن كان ذلك العلم مما لا يجب تعليمه، فالخيار إلى المعلم، وإن كان مما يجب تعليمه الناس فلو خصص به أقواماً فيهم غُنية، فهل يجوز له ذلك؟ فعلى وجهين، والأولى المنع من التخصيص؛ فإنه لا يدري من المفلح ومن المتخرج، فليقصد التعميم وإن كان لا يتأتى الجمع في التعلق، فإن أقدار الطلبة يوجب أن يخصصوا بما يليق بمناصبهم، فعند ذلك يقع السبق أو القرعة.