ولكن الاستدراك عليه أن القاضي لا ينشىء ذلك، بل يُفرض صَدَره من الخصم أو وكلاء المجلس، هذا تمام ما أردنا أن نذكره في ذلك.
فخرج من مجموع ما حصّلناه أن من أراد أن يتحمل الشهادة على امرأة، فينبغي أن يكشف وجهها، وينظر إليها، ثم في الإعادة يكشف وجهها ويشير إليها، ولا يلتبس الأمر عليه إذا غابت عند التحمل والإشارة.
وقيل: ادُّعي في مجلس القاضي أبي عاصم على امرأة، وكان للمدعي شهود على عينها، فدعا القاضي بنسوة في قدها وقامتها ولباسها، ثم قال للشهود: ميّزوا التي تشهدون على عينها، فميّزوها، وألزمها الكشف عن وجهها بعد ذلك، فشهدوا على عينها، وكان ما قدمه احتياطاً للإقدام على الكشف، وهو أقصى الإمكان، ولا حرج - وإن كانت المرأة على نهاية الجمال- لمسيس الحاجة، وهذا كتكشفها للطبيب، وكالنظر إلى الفرج لتحمل الشهادة على حاجةٍ، أو على الزنا.
وقيل: أشهد الشيخ القفال على امرأة جاءته مع شاهدين شهدا أنها فلانة، فأثبت الشيخ شهاته في الصك، فمست الحاجة إلى إقامة الشهادة، فلم يُقمها، فاعتُرض عليه، فقال: أَشْهد كما أُثبت، وكان هذا بعد عهد طويل، فأحضر الصكَّ، فإذا فيه أشهدني فلان وفلان على أنها فلانة، وأنها أقرت، ثم قال: كيف أشهد، والشاهدان في السوق وأنا فرعهما.
فهذا الذي ذكرناه وأكّدناه بالصور لاشتداد الاهتمام به تامٌّ في إيضاح المذهب.
ونحن نختتمه بسؤال وجواب:
١٢٠٥٥ - فإن قال قائل: قد حكيتم عن العراقيين القطع بالاكتفاء بقول عدلين، وحكيتموه عن الشيخ أبي علي وجهاً، فهلا قلتم: تُتحمل الشهادة على عين امرأة ونسبها، ويعتمد في النسب قولُ عدلين: أنها فلانة بنتُ فلان ابن فلان، فيستتب له أن يشهد -تعويلاً على النسب- في الغَيْبة؟
قلنا: إذا شرطنا الاستفاضة، فهذا لا يتحقق، ولم يحكِ القاضي إلا اشتراط الاستفاضة. وإن صححنا ما ذكره العراقيون، ففي القلب اختلاج وتردد من هذا؛ من جهة أن العين إذا عوينت كرجل يشار إليه، يجوز أن يفرض ارتباط النسب به، فأما إذا