للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يصدر الدعوى من الجميع، ولا [ممن] (١) ينوب عنهم، وليس كاليمين؛ فإن اليمين، وإن تعلقت بتصديق الشاهد وإثبات ملك الموروث، فمبنى اليمين في الشرع على اختصاص أثرها دفعاً ونفعاً [بالحالف] (٢)، ولا يتصور أن يحلف الإنسان لغيره، فالشهادة (٣) أبداً حكمها التعدّي.

فإذا كان في الورثة مجنون، وكنا ننظر إفاقته ليحلف، فمات، فقد قال الأصحاب: يقوم وارثه مقامه، فيحلف ويستحق، وهذا من قولهم يدل على أن من لم يحلف، ولم ينكُل إذا مات، قام وارثه مقامه من غير استعادة الشهادة، وقد يتخيل فرق، والأصل هذا.

ثم إذا كان في الورثة صبي وبالغ، أو حاضر وغائب، وأقام البالغ الحاضر الشاهدَ، وكان المدعَى عيناً في يد غاصب، وهي ميراث بزعم الورثة، فإذا حلف البالغ الحاضر، فهل نزيل يد المدعى عليه عن حصة الصبي والغائب، ونَقِفَها إلى زوال المانع؟ ذكر القاضي قولين في ذلك، وهذا فيه بُعد، والوجه ألا تزال يده عن حصة من لم يحلف؛ فإن الحجة في تلك الحصة ما تمت، فلا طريق عندنا إلا القطع بتقرير يده.

ولو أوصى لشخصين بشيء، فادعى أحدهما، وأقام شاهداًً، وحلف مع شاهده، استحق نصيبه، ولا تزال يد المدعى عليه عن نصيب الموصى له الثاني، إذا كان غائباً ما لم يراجع، فكذلك القول في سائر الموادع.

والفرق أن الموصى له يدعي الملك لنفسه، والوارث يُثبت الملك لموروثه، ثم الشرع ينقله إليه بالخلافة، وكل واحد من الموصى لهما منفرد بملكه وحقه، وإذا حضر الغائب في الوصية، لم تغنه الشهادة التي أقامها الحاضر، بل عليه افتتاحُ دعوى، وإقامةُ شاهد، فإن شهد له ذلك الأول، فذاك، وإلا طلب شاهداً آخر.


(١) في الأصل: " فيمن ".
(٢) في الأصل: " بالحلف ".
(٣) كذا: "فالشهادة" (بالفاء) مكان الواو، وهذا معهود في لغة الإمام ومعاصريه.