للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأنَّ ذلك قد يؤدِّي إلى ترك انتفاع النّاس بأموالهم»، لكان ذلك فيمن ادَّعى سرقةً في يد زيدٍ، أنَّ قوله يقبل إذا صفة (١) ذلك من وعاءٍ ووكاءٍ وعددٍ؛ لتعذر الإشهاد على السارق في حال ما سرق، فلمَّا لم تقبل العلامة في ذلك دون الشّهادة، فكذلك اللقطة (٢).

قيل: لا يلزم ما ذكرت؛ من قِبَلِ أنَّ المدَّعى عليه السَّرِقَ ينكر ذلك، ومن يدَّعي الشّيء لنفسه فهو خصمٌ قائمٌ بعينه، فلا يعطى مدَّعي ذلك عليه إلّا ببيِّنةٍ.

ألا ترى: أنَّ المدَّعى عليه السرقة يُستَحلف إذا أنكر ذلك، وليس كذلك اللقطة؛ لأنَّ الملتقط لا يدَّعيها لنفسه، ولا لإنسانٍ قائمٍ بعينه غيره، ويجوز أن تكون لطالبها، فلا يلزم ما ذكرت على اعتلالنا.

ولو لم يدَّع الذي السرِقَ في يده لنفسه، جاز أن يعطى طالب ذلك بالعلامة، وقد قال مالكٌ: «في قطاع الطريق إذا أُخِذوا ووُجِد في أيديهم مالٌ، فادَّعى قومٌ أنَّ مِنْ دفعِ (٣) علامة ذلك من عددٍ وعِفَاصٍ، بأنَّه يدفع إليه بغير بيِّنةٍ، كاللقطة سواء» (٤).

وعلَّة ذلك ما ذكرناه، أنَّ الذي في يده الشّيء ليس يدَّعيه لنفسه ولا لخصمٍ قائمٍ بعينه، فجاز أن يَدْفَعَ ذلك إلى الطالب بما يذكره من العلامة؛ لجواز أن يكون له.


(١) قوله: «إذا صفة»، كذا في شب، ولعلها: «إذا ذكر صفة».
(٢) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [٩/ ٤٥٥].
(٣) قوله: «أنَّ مِنْ دفعِ»، كذا في شب، والسياق يستقيم بدونها.
(٤) ينظر: المدونة [٤/ ٥٥٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>