للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حفرها أن يأخذ من الماء قدر حاجته إليه في سقي ماشيته، وليس له أن يبيع ما فَضَل عن ذلك؛ لأنّه ليس ذلك له.

وقد رَوَى وكيع، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ» (١)، وهي آبار الماشية.

ورَوَى مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلَأُ» (٢).

فأمّا إذا حفر الانسان في ملكه بئراً للماشية أو الزرع، فله أن يبيع فضل مائه إن أراد ذلك؛ لأنّها مُلكه وله أن يمنع ذلك الناس، إلّا على ما ذكرناه، وهو أن ينهار بئر جاره وقد زرع عليها زرعاً ويخاف على زرعه العطش، فعلى جاره أن يسقيه فضل مائه إذا أسقى صاحب الزرع ماله من عنده؛ لأنَّ الماء إذا استُقِيَ عاد مثله إذا كان نبعاً، فلا مضرة عليه في ذلك، وفي منعه جاره مضرةً عليه في ذلك.

وهذا إذا كان جاره قد زرع على أصل ماءٍ، ثمّ انقطع ماؤه، فأمّا إذا زرع على غير أصل ماءٍ، فليس على جاره أن يسقيه فضل مائه؛ لأنَّ صاحب الزرع لم يجز له أن يتَّكِل على ماء غيره، ومن له أصلُ ماءٍ، ثمّ انقطع فلم يتكل على ماء غيره، فوجب إعانته لضرورته إلى ذلك.

•••


(١) أخرجه ابن أبي شيبة [١١/ ٨٥]، ومن طريقه مسلم [٥/ ٣٤]، وهو في التحفة [٢/ ٣٢٢].
(٢) أخرجه مالك [٤/ ١٠٧٧]، ومن طريقه البخاري (٢٣٥٣)، ومسلم [٥/ ٣٤]، وهو في التحفة [١٠/ ١٩٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>