للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يجدها وإن كانت ناقصةً، أو تركها ومحاصة الغرماء، وسواءٌ وجد ولدها الذي وُلِدَ عند المشتري، أو كان قد مات أو باعه المشتري.

فأمّا إذا مات المشتري للسلعة، فليس لبائعها أن يأخذها وإن وجدها بعينها؛ من قِبَل أنَّ ذمة المشتري قد تلفت، فلو جعلنا البائع أولى بالسلعة، كان سائر الغرماء لا يرجعون إلى حقهم من مال الميت، ولا إلى ذمَّةٍ تتعلق حقوقهم فيها، والمفلس فيرجع الغرماء الذين لا سلع لهم إلى ذمَّته، فكان ردُّ السلعة أولى؛ لقوة سببه؛ ولأنَّ سائر الغرماء لا تتلف أموالهم ولا تبطل حقوقهم.

فإن قيل: لم لا قلت: إنَّ أخذ البائع سلعته في موت المشتري أولى إذا وجدها بعينها؛ لأنّه لمَّا كان له أخذها مع وجود ذمَّته، كان أن يأخذها مع عدمها أولى، كما كان المرتهن أولى بالرهن في موت الراهن وفَلَسِهِ (١).

قيل له: ما قلته غير لازمٍ، من قِبَلِ أنَّ النبيَّ إنّما جعل بائع السلعة أولى بها إذا وجدها بعينها في موضعٍ يرجع سائر الغرماء إلى شيءٍ يتوثقون به لحقوقهم، وهي ذمة المفلس، فلا تتلف حقوقهم، وفي ذلك نَظَرٌ لجميع الغرماء، وأمّا إذا تلف ماله وذمته، فليس يجوز أن يُنْظَر لبعضهم دون بعضٍ؛ لأنَّ صاحب السلعة إذا أخذها لم يكن للباقين شيءٌ يرجعون إليه من مالٍ أو ذمةٍ، فكان في ذلك حملٌ عليهم، وقد قال الله تعالى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء:١٣٥].

فأمّا المرتهن فقد صار أولى بالرهن؛ لقبضه الرهن وحيازتِهِ، لا أنَّ الموت والفلس أحْدَثَا له حقّاً في الرهن لم يكن قبل ذلك.


(١) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [٧/ ٣٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>