وقوله:«فَإِنْ كان معروفاً بالدَّين لا يُجْهل، فباع الورثة ماله واقتسموا ثمّ طرأ دَينٌ، فإنَّ الغرماء يأخذون ما وجدوا بغير ثمنٍ يدفعونه إلَى المشتري»؛ فلأنَّ الورثة في بيعهم مالَ الميت مع عِلمِهِم بالدَّين الذي عليه مُتَعَدُّونَ؛ لأنهم فعلوا ما لا يجوز لهم فعله من بيع ماله وعليه دَينٌ إذَا لم يقضوا دينه منه.
وقوله:«فإن تغير ما اشتراه في يد المشتري فله أن يدفع قيمة ذلك إلَى الغرماء يوم قبضه»؛ فلأنَّ المشتري له شبهة ملكٍ، فإذا فات الشّيء في يده أو تغير في بدنه فعليه قيمته يوم قبضه.
فأمّا إذَا كان الميت ممن لا يُعرف بالدَّين، فَإِنَّ الورثة باعوا ولهم أن يبيعوا في الظاهر، فهم غير متعَدِّينَ ولا غاصبين، فكان بيعهم جائزاً، وليس للغرماء فسخ ذلك ولا أخذ ما باعوه، وذلك بمنزلة الحاكم إذَا حكم بشيءٍ يجوز له أن يحكم فيه، ثمّ يتبين غيره من الحكام أنَّ الحق في غيره، فليس له نقض ما حكم الأول إذَا لم يكن خطأً بيِّنَاً، فكذلك ليس للغرماء أن يبطلوا بيع الورثة؛ لأنهم باعوا ما لهم بيعه.
ويَتْبَعُ الغرماء الورثة بثمن ما باعوا؛ لأنهم لا يرثون مع الدَّين حتى يُقْضَى الدَّين قبل، فكان لهم أن يأخذوا ثمن ما باعوه؛ لأنهم أولى به منهم، ويَتْبَعُوهم في ذممهم إن كان قد تلف، والله أعلم.
•••
[١٦٥٤] مسألة: قال: ومن هلك وترك عيناً وعرضاً ودَيناً، لا يُدرَى كم الدَّين ولا كم المال، فيريد بعض الورثة أن يحتمل للغرماء بالدَّين