فقال:«أنت أمرتني»، فهو مُصَدَّقٌ، والخياط مثل ذلك، والصائغ، إلّا أن يأتوا بأمرٍ لا يُسْتَعمَلون مثله (١).
• إنَّمَا قالَ ذلك؛ لأنَّ الصانع مؤتمنٌ على الصناعة، فالقول قوله مع يمينه؛ لأنَّ صاحب الشّيء قد ائتمنه على العمل، فهو مُصَدَّقٌ فيما يقول إذا أتى بما يشبه مثله، وهو أن يكون الذي أمره بالعمل والصناعة مثله يلبَسُ الذي أمره بالخياطة أو الصنع أو ما أشبه ذلك.
فإذا لم يلبسه ولم يستعمله، كان القول قول ربِّ الشيء؛ لأنَّ العرف يُصَدِّقُ قوله؛ فكان سببه أقوى من سبب الصانع، فكان القول قوله مع يمينه.
وكان القول قول الصانع مع يمينه إذا أتى بما يشبه؛ لأنَّ صاحب الشّيء قد صدَّقَه على الصناعة وخالفه في عينها، فكان القول قول الصانع فيها، من قِبَلِ أنّه لا إرْبَ له ولا بغية في مخالفة ربّ الشّيء فيما استعمله منه؛ لأنّه سواءٌ على الصانع عمل ما أمره به صاحبه أو غيره، لا فائدة له في مخالفة ربه؛ لأنَّ أجرة العمل يأخذها على حسب العمل الذي عمله، بل صاحب الشّيء يُتَّهَم فيما يدعيه على الصانع من الخلاف ليضَمِّنَه قيمة الشّيء الذي دفعه إليه ليعمله، فكان قوله غير مقبولٍ عليه.
فإن قيل: فقل كذلك إذا اختلفا في نفس العمل، فقال صاحب الثوب للصانع:«أودعتك»، وقال الصانع:«بل أمرتني أن أعمل فيه».
(١) المختصر الكبير، ص (٣٠٩)، وقد حكى ابن أبي زيد هذه المسألة عن ابن عبد الحكم في النوادر [٧/ ٨٣]، وينظر: الموطأ [٤/ ١٠٨٤].