للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلأنَّ العرف جارٍ من المسلمين أنهم يرتدعون في حال الموت ويَتَحَوَّبُون ويُحْدِثُون توبةً، هذا الغالب من أمرهم، وأنَّهم لا يركبون الكبائر من المعاصي في هذه الحال، وإذا كان كذلك، كان قوله: «قتلني فلانٌ» لوثاً يجوز للوليّ أن يُقْسِمَ معه، بل قوله أقوى من قول غيره.

وقد قال بعض من يخالفنا في هذا: «إنَّ الوليّ يقسم إذا رأى رجلاً يعرف وليَّه - وهو مقبولٌ -، ومع الرّجل سكينٌ أو شبه هذا»، وهذا أضعف من قول المقتول: «دمي عند فلانٍ».

فأمَّا أهل العراق، فإنهم يقولون: «إنَّ المقتول إذا وُجِدَ في محلة قومٍ، أنَّ أهل المحلة يحلفون أنّهم لم يقتلوه، ثمَّ تكون عليهم الدّية» (١).

وهذا قول ضعيفٌ؛ من قِبَلِ أَنَّهُ قد يجوز أن يقتله قومٌ، ثمَّ يطرحوه في محلّة قومٍ.

ومن قولهم أيضاً: «إنَّ ديته على أهل الحطة (٢) وإن كانوا قد ماتوا قبلها بمئة سنةٍ، أو انتقلوا إلى بلدٍ غيرها».

فإن قيل (٣): كيف يجوز أن يُقبَل قول المجروح: «قتلني فلانٌ»، فيُعطى بدعواه، وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه: «لَوْ أُعْطِيَ قَوْمٌ بِدَعَاوِيهِمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمِينُ عَلَى المُنْكِرِ» (٤).


(١) تقدَّم النقل عن الحنفية، المشار إليهم هنا.
(٢) قوله: «الحطة»، كذا رسمها في المخطوط، ولعلها: «المحلة»، والله أعلم.
(٣) ينظر الاعتراض في: المغني لابن قدامة [١٢/ ٢٠٧].
(٤) متفق عليه: البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم [٥/ ١٢٨]، وهو في التحفة [٥/ ٤٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>