ولأنَّ الجاني هو المعتدي الظّالم، وقد قال الله ﷿: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ [الشورى:٤٢].
•••
[٢٠٩١] مسألة: قال: وإذا جُرِحَ الرَّجُلُ، فترامى جُرْحُه إلى ما هو أعظم منه، فَإِنَّهُ يستقاد من الجارح بِقَدْرِ الجُرْحِ الأوّل.
فإن برأ ما جَرَحَه إلى مثل ما ترامى جُرْحُ المجروح أوّلاً أو أكثر، كان ذلك بذلك، وإن جاء دون ذلك، عُقِلَ له ما بينهما (١).
• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّهُ لا يجوز أن يتعدَّى في القصاص الموضع الَّذِي وقعت الجناية فيه إلى غيره، ولا إلى أكثر منه، إلَّا أن يؤدّي إلى النفس فيكون فيه القَوَدُ؛ لأنّ الجناية تقرّرت على القتل، فجزاؤها القتل، كما قال الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى:٤٠]، وقال: ﴿فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة:١٩٤].
وقوله:«إذا استقر جُرْحُ المستقيد، وزاد جُرح المستقاد منه عليه، أنَّه لا شيء على المُستقيدِ»؛ فذلك لِمَا قد ذكرناه، وهو أَنَّهُ فَعَلَ ما له فِعْلُهُ وأَخَذَ حقّه، ولم يكن متعدّياً في ذلك، فكان كالإمام يجلد إنساناً في حدٍّ فيموت منه، فلا شيء عليه في ماله ولا على عاقلته؛ لأنَّهُ فعل ما له فعله، وكذلك المستقيد لا شيء عليه فيما زاد المستقاد منه؛ لأنَّهُ فَعَل ما له فعله، والجاني هو الظّالم.