للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حقّه، وإنّما ذلك بمنزلة ما لو مات القاتل أو الفاقئ فذهب حقّه، والأوّل أعجب إلينا (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ أولياء المقتول الأوّل قد استحقّوا عين القاتل بأن يقتلوه أو يعفوا عنه إن شاؤوا، ليس لأحدٍ منعُهُم من ذلك، فإذا أتلف هذه العين المستحقَّة مُتْلِفٌ، كان لهم فيه مثل ما كان لهم في القاتل الأول؛ لأنَّ هذا القاتل الثاني أيضاً أتلف عيناً قد استحقّوا قتلها؛ فكانوا أولى بها من أولياء المقتول الثاني، إلَّا أن يُرضوهُمْ أولياء المقتول الثاني على ما فسره مالكٌ، فيكون حينئذٍ أولياء المقتول الثاني أولى بالقاتل الثّاني؛ لِأَنَّهُم قد أَرْضَوا أولياء المقتول الأوّل وصار الحقّ لهم، فكان لهم القتل، أو العفو وأخذ الدّية إذا بُذلت لهم.

وليس يشبه موت القاتل كقتله؛ لأنّ موته حتف أنفه هو بغير سببٍ يجب على أحدٍ فيه قودٌ أو ديةٌ، فَأَمَّا إذا قُتِلَ، فيجب على قاتله القَوَدُ إن كان عمداً، أو الدّية على عاقلته إن كان خطأً.

ووجه قوله: «أنْ لا شيء لأولياء المقتول الأوّل إذا قُتِلَ القاتل»، فلأنَّ قتله بمنزلة موته، فلو مات حتف أنفه لم يكن لهم شيءٌ، وكذلك إذا قُتِلَ؛ لأنَّ الَّذِي وجب لهم القَوَدُ لا لأخذ المال (٢)، فإذا قُتِلَ القاتل، فقد تعذّر القَوَدُ فيه، فهو بمنزلة ما لو مات، والقول الأوّل أصحُّ لِمَا ذكرناه.


(١) المختصر الكبير، ص (٣٨٣)، ومن قوله: «وقد قال مالكٌ فيمن قتل»، حكاه ابن أبي زيد في النوادر والزيادات [١٤/ ٥١]، عن ابن عبد الحكم، وينظر: الجامع لابن يونس [٢٣/ ٩١٦].
(٢) قوله: «لا لأخذ المال»، كذا رسمها في المخطوط، ولعلَّها: «لا أخذ المال».

<<  <  ج: ص:  >  >>