• إنما قال:«إنَّهُ إذا أخرجها عند محلِّها، ثم ضاعت من غير تفريطٍ منه، أنَّهُ لا شيء عليه»؛ لأنَّهُ مؤتمنٌ على تَفْرِقَتِهَا، وقد جُعِلَ له إخراجها وتفريقها، فإذا أخرجها عن ماله وعزلها، ثم ضاعت قبل تَفْرِقَتِهَا، لم يكن عليه شيءٌ، وهي كالوديعة إذا أخرجها ليدفعها إلى صاحبها، ثم ضاعت منه من غير تفريطٍ، فلا شيء عليه؛ لأنها أمانةٌ في يده، وكذلك الزَّكاة هي أمانةٌ في يده، وليست متعلِّقةً بذمَّته كالدَّيْنِ.
ألا ترى: أنَّ ماله لو تلف بعد حلول الحول عليه، وقبل إخراجه الزَّكاة من غير تفريطٍ، أنَّهُ لا زكاة عليه، ولو تلف ماله، لكان دَيْنُهُ في الذِّمَّة، ويؤخذ من ماله إذا حَدَثَ له.
ومنزلة الذي عليه الزَّكاة إذا ضاعت منه قبل تَفْرِقَتِهَا، أنها منزلة الإمام إذا ضاعت الزَّكاة منه قبل أن يفرِّقَها، فلا شيء عليه؛ من قِبَلِ أنَّهُ مؤتمنٌ على التَّفْرِقَة غير مفرطٍ، وكذلك صاحبها.
فإن كان قد فرَّطَ في إخراجها، ثم أخرجها فتلفت منه قبل أن يفرِّقها، وجب عليه إخراجها ثانيةً؛ من قِبَلِ أنها قد تعلَّقت بذمَّته، فصارت ديناً عليه لَمَّا فرط في إخراجها ولم يخرجها عند حلول الحول مع إمكان ذلك، فإذا