للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكل ما أفطر الإنسان به عامداً من غير عذرٍ بالمجامع في ايجاب الكفارة عليه قياساً لا نصاً وحكما ثابتاً؛ لأنَّ القول بما أوجبه القياس واجبٌ كالقول بما أوجبه النص، لا فرق في ذلك عندنا وعند من يخالفنا في هذه المسألة.

فإن قيل: إنَّ الوطءَ أعظم حرمةً ومزيةً من الأكل وغيره، فلم يجز أن يلحق الأكل وغيره به في وجوب الكفارة (١).

قيل له: فلا يلحق الأكل بالجماع في إفساد الصّوم به؛ لأنَّ الجماع أعلى مزيةً، وإذا كان الفساد بهما واحداً، وجب أن يستويا في وجوب الكفارة.

على أنَّ ما قاله فاسدٌ بشهادة الأصول التي قد اتفق عليها الفقهاء؛ لأنهم قد جعلوا غير الوطء بمنزلة الوطء في أحكامٍ كثيرةٍ، وإن كان للوطء مزيةٌ على غيره.

ألا ترى: أنَّ المعتكف إذا وطئ أفسد اعتكافه، وكذلك إذا قبل أو باشر.

وكذلك تحرم الربيبة بالدخول بأمها، أعني: وطئها، وتحرم أيضاً بقبلة الأم.

وكذلك الأمة إذا وطئها الرجل حرمت على أبيه وابنه، وكذلك إن قبلها ولم يطأها حرمت على أبيه وابنه.

وهذا قول فقهاء الأمصار، وهو قول مخالفنا في هذه المسألة.

فإذا جعل القبلة بمنزلة الوطء في هذه الأشياء (٢)، وإن كان للوطء مزيةٌ،


(١) ينظر الاعتراض في: المبسوط [٣/ ٧٣]، المهذب للشيرازي [٦/ ٢٣٢]، شرح العمدة لابن تيمية [٣/ ٢١٥].
(٢) للشافعي، وهو المخالف في هذه المسألة قولان في حكم القبلة والمباشرة للمعتكف، أحدهما: لا يبطل اعتكافه، والآخر: يبطل، ينظر: الأم [٣/ ٢٦٦]، مختصر المزني، ص (١٥٧)، الحاوي [٣/ ٣٧٤].
كما أنَّ له قولين في تحريم الربيبة بقبلة الأم، ينظر: الحاوي للماوردي [١١/ ٢٨٦]، البيان للعمراني [٩/ ٢٥٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>