للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأمَّا ما لا تكون الذّكاة فيه، فَإِنَّهُ لا يجوز الانتفاع به - وإن ذُكِّيَ أو دُبِغَ - إنْ مات، وذلك بمنزلة ابن آدم والخنزير؛ لأنَّ الذَّكاة لا تصحُّ فيهما.

فأمَّا السِّباع ففيها الذّكاة؛ بدلالة: أنَّه لَمَّا جاز الانتفاع بها في حال حياتها بالبيع وغيره، جاز أن تُذَكَّى ليُنتَفَع بجلدها من غير دباغٍ؛ لأنَّ الذَّكاة أقوى من الدِّباغ؛ إذ كانت الذَّكاة تبيح الأكل وتُطَهِّر له، أعني: فيما يجوز أكله، وليس كذلك الدِّباغ لأنَّهُ لا يبيح الأكل بوجهٍ.

فلمَّا كانت الدّباغة تجوِّزُ الانتفاع بجلود السّباع عند مخالفنا - وهي أضعف من الذّكاة -، كانت الذّكاة أولى أن تبيح ذلك؛ لأنّها أقوى من الدّباغ.

فأمَّا الخنزير: فلمَّا لم يجز أن يُدْبَغ جلده، لم يجز أن يُذَكَّى؛ لأنَّ ما جاز أن يُدْبَغُ جلده، جاز أن يُذَكَّى، وما جاز أن يُذَكَّى، جاز أن يُدبَغ جلده، والله أعلم.

•••

[٣٢٥٣] قال مالكٌ في المَلاحِفِ المُعَصْفَرَةِ (١) للرِّجال في البيوت والأقبية: لا أعلم من ذلك شيئاً حراماً، وغير ذلك من اللّباس أحبّ إليّ (٢).


(١) قوله: «الملاحف المعصفرة»، الملاحف: هي جمع ملحفة، وهو اللباس الذي فوق سائر اللباس، من دثار البرد ونحوه، وكل شيء تغطيت به فقد التحفت به، والمعصفرة: يعني المصبوغ بالعصفر، وهو نبت يهري اللحم الغليظ، ولونه قريب من الزعفران، ينظر: لسان العرب [٩/ ٣١٤]، غذاء الألباب [٢/ ١٧٦].
(٢) المختصر الكبير، ص (٥٧٢)، الموطأ [٥/ ١٣٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>