للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالخطأ؛ لأنَّ المجتهد في الدِّينِ - إذا كان في غير التّوحيد والعدل - إذا أخطأ معذورٌ، لا يُكَفَّر ولا يُفَسَّق.

ألا ترى: أنَّ أصحاب رسول الله قد خالف بعضُهم بعضاً في الأحكام، وخطَّأَ بعضهم بعضاً، ثمَّ لم يُكَفِّر أحدهم من خالفه ولا ضَلَّله؛ لأنَّ طريق ما قالـ[ـوا فيه] الاجتهاد لا النّصّ، وكذلك ما فعلوه في الإمامة، طريقه الاجتهاد لا النَّصّ، فلم يُكَفِّروا ولم يُفَسِّقُوا ولم يُضِلّوا، وإن أخطأ بعضهم في الاعتقاد والفعل، وقد قال رسول الله : «إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (١).

فهذا مذهب أهل العلم والفقهاء في اجتهاد أصحاب رسول الله في الأحكام كلّها، من الإمامة وغيرها، أنَّ المصيب منهم مأجورٌ، والمخطئ معذورٌ بخطئه، غير كافرٍ ولا فاسقٍ ولا ضالٍّ، ومن خرج عن هذا الاعتقاد فيهم، خرج ولم يحلّ له ذلك، لا أنَّه (٢) ينسب بعضهم إلى كفرٍ أو فسقٍ أو ضلالٍ، ونعوذ بالله من ذلك.

وسأذكر مسألة الإباضية وسائر أهل البدع وأذكر قول مالكٍ فيهم. وما رواه في الموطأ عن عليٍّ من المسند والمقطوع، وما رواه عن ولده، منهم: جعفر بن محمَّدٍ وغيره، وما رواه عن ابن مسعودٍ.


(١) متفق عليه: البخاري (٧٣٥٢)، مسلم [٥/ ١٣١]، وهو في التحفة [٨/ ١٥٧].
(٢) قوله: «لا أنَّه»، كذا في شب، وفي جه: «لأنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>