للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّنْ نفته المدينة، ومتى خرج رغبةً عنها وكراهية الإقامة فيها، لا من أجل شدَّةٍ تلحقه، فهو مِمَّنْ نفته المدينة.

(وقد سمعت من يذكر أنَّ لمالك بن أنسٍ كتاب سِرٍّ، وكان مالكٌ أتقى لله ﷿ وأعظم شأناً أن يتَّقِي في دينه أحداً أو يراعيه، وكان مشهوراً بهذه الحال، وأنَّه لا يتَّقى أحداً من سلطانٍ ولا غيره.

وقد نظرت في غير نسخةٍ من كتاب السرِّ تنقض بعضها بعضاً، ولو سمع مالكٌ إنساناً يتكلّم ببعض ما فيه، لأوجعه ضرباً.

وقد حدَّثني موسى بن إسماعيل القاضي، قال: سمعت عبد الله بن أحمد الطيالسيِّ يقول: سألت إسماعيل بن إسحاق عن كتاب السِّرِّ لمالكٍ؟

فقال: سألت أبا ثابتٍ، محمد بن عبيد الله المدنيِّ - صاحب ابن القاسم -: هل لمالكٍ كتابُ سِرٍّ؟

فقال: سألت ابن القاسم عن ذلك، فقال: ما يُعْرَفُ لمالكٍ كتاب سرٍّ (١).

فأمّا كراهيته للصّلاة خلف أهل البدع؛ فلأنَّهم على غير حقٍّ، فوجب أن لا يكونوا أئمةً يُقْتَدى بهم ويُؤْتمُّ بأفعالهم.

ألا ترى: أنَّ الفاسق يُكْرَهُ أن يُصَلَّى خلفه ويُقْتَدى بفعله، فكذلك المبتدع مثله.


(١) من قوله: «وقد سمعت»، إلى هذا الموضع، نقله ابن شاس عن الأبهري، في عقد الجواهر [١/ ٦٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>