ولأنَّ الإمامة، لَمَّا كان الأولى بها من كان من أهل الدِّين والقرآن والعلم؛ لفضله على غيره، كان أن لا يكون المبتدع إماماً أولى؛ لنقصه عن أهل الحقِّ والصَّواب؛ لاعتقاده البدعة.
وكذلك لا يجوز قبول شهادتهم؛ لِأَنَّهُم غير عُدُولٍ باعتقادهم الخطأ؛ لأنَّهُ لَمَّا لم يجز قبول شهادتهم مع فعلهم الخطأ وإتيانهم له - أعني: ركوبهم الكبائر -؛ لخروجهم بهذا عن الحقّ، فكذلك لا يجوز قبول شهادتهم؛ لخروجهم عن الحقّ باعتقادهم البدعة.
ولَمَّا لم يجز قبول شهادة الكافر على المسلم؛ لمخالفته له في الاعتقاد وخطأ الكافر في اعتقاده، وجب أن لا تقبل شهادة أهل البدع؛ لخطئهم في اعتقادهم على أهل الحقِّ.
ولأنّهم غير مأمونين أيضاً في النّقول على أهل الحقِّ؛ لمخالفتهم لهم في الاعتقاد وعداوتهم لهم في ذلك، وشهادة العدوّ على العدوّ غير مقبولةٍ إذا كانت العداوة في الدِّينِ، لا تقبل شهادة المُبْطِل على المحقِّ، وتقبل شهادة المحقّ على المبطل؛ بدلالة: قبول شهادة المسلم على الكافر، وترك قبول شها [دة] الكافر على المسلم.
ولَمَّا كانت العداوة في أمر الدنيا بين النّاس لا يجوز معها قبول شهادة بعضهم على بعضٍ؛ لِمَا يُتَّهَمُ العدو في الشّهادة على عدوه، كانت العداوة في أمر الدِّين أولى أن لا يجوز قبول الشّهادة معها، وأن لا تقبل شهادة المبطل في الدّين على المحقّ.
وكما وجب قتال أهل العدل لأهل البغي وردِّهم حَتَّى يرجعوا إلى