للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• قوله: «يأخذ الجذعة والثنية»؛ فلأنَّ ذلك هو الوسط من المال، وليس هو بأعلاه ولا أدناه، وهو نَظَرٌ بين الفقراء وأرباب الأموال.

وليس يأخذ أيضاً معيباً ناقصاً؛ لأنَّ في ذلك ضرراً بالفقراء، ولا يجوز له أن يَضُرَّ بهم، كما لا يجوز له أن يأخذ أعلى المال فيضر بأرباب المال وإن كان ينفع الفقراء، بل عليه أن يقوم بالقسط بينهم، كما قال الله ﷿: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء:١٣٥].

فإن رأى أنَّ في أخذه ذات العوار حظّاً للمساكين أخذها، بأن تكون سمينةً كبيرة اللحم أو الثَّمن إذا باعوها متى دفعها إليهم، فعل ذلك المُصَدِّقُ؛ لأنَّ في ذلك حظّاً للفقراء ولربِّ المال، وعليه أن يفعل ما هو نظرٌ للفريقين جميعاً.

وقد روى مالكٌ، عن ثور بن زيد (١) الدِّيلِيِّ، عن ابنٍ لعبد الله بن سفيان الثقفي، عن جده سفيان: «أَنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً، فَكَانَ يَعُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالسَّخْلِ، قَالُوا: تَعُدُّ عَلَيْنَا بِالسَّخْلِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: نَعَم، تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذُهَا، وَلَا تَأْخُذُ الأَكُولَةَ، وَلَا الرُّبَّى، وَلَا المَاخِضَ، وَلَا فَحْلَ الغَنَمِ، وَخُذِ الجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ المَالِ وَخِيَارِهِ» (٢).

•••


(١) قوله: «زيد» كذا في شب، وصوابه: «يزيد»، وهو ثور بن يزيد الديلي، تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٥٠.
(٢) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>