إنه ضنك الانقطاع عن الاتصال بالله والاطمئنان إلى حماه.... ضنك الحيرة والقلق والشك.... ضنك الحرص والحذر: الحرص على ما في اليد والحذر من الفوت.... ضنك الجري وراء بارق المطالع والحسرة على كل ما يفوت.
لقد أسرف من أعرض عن ذكر ربه فألقى بالهدى من بين يديه، وهو أنفس ثراء وذخر (١) .
قال تعالى:(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)[المائدة: ٤٤] .
إنه ليس أشنع من خيانة المستأمن؛ وليس أبشع من تفريط المستحفظ؛ وليس أخس من تدليس المستشهد.. يخونون ويفرطون ويدلسون، فيسكتون على العمل لتحكيم ما أنزل الله ويحرفون الكلم عن مواضعه، لموافاة أهواء ذوي السلطان على حساب كتاب الله.
(فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق)[المائدة: ٤٨] .
(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)[المائدة: ٥] .
أجل؛ فمن أحسن من الله حكماً؟!!.
"من ذا الذي يجرؤ على ادعاء أنه يشرع للناس ويحكم فيهم، خيراً مما يشرع الله لهم ويحكم فيهم، وأي حجة يملك أن يسوقها بين يدي هذا الادعاء العريض؟!
أيستطيع أن يقول: إنه أعلم بالناس من خالق الناس؟! أيستطيع أن يقول: إنه أعرف بمصالح الناس من إله الناس؟! أيستطيع أن يقول: إن الله سبحانه - وهو يشرع شريعته الأخيرة، ويرسل رسوله الأخير، ويجعل رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاتم النبيين،