لواحظنا تجني ولا علم عندها ... وأنفسنا مأخوذة بالجرائر
ولم أر أغبى من نفوس عفائف ... تصدق أخبار العيون الفواجر
ومن كانت الأجفان حُجّاب قلبه ... أذِنّ على أحشائه بالفواقر
ولله در من يقول:
وأنا الذي اجتلب النية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل
وانظر يا أخي إلى أخبار من مضى، قال أبو الأديان: كنت مع أستاذي أبي بكر الدقاق فمر حدث فنظرت إليه، فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه فقال: يا بني لتجدنّ غبها ولو بعد حين. فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي الغِبّ، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه فأصبحت وقد نسيت القرآن كله (١) .
"عن أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال: كان عندنا بالكوفة شاب متعبد لازم المسجد الجامع لا يكاد يفارقه، وكان حسن الوجه حسن القامة حسن السمت، فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به وطال عليها ذلك، فلما كان ذات يوم وقفت له على الطريق وهو يريد المسجد فقالت له: يا فتى اسمع مني كلماتٍ أكلمك بها ثم اعمل ما شئت، فمضى ولم يكلمها، ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه وهو يريد منزله فقالت له: يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها، فأطرق ملياً وقال لها: هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعاً، فقالت له: والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك ولكن -معاذ الله- أن يتشوف العباد إلى مثل هذا مني، والذي حملني على أن لقيتك في مثل هذا الأمر بنفسي لمعرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير، وأنتم -معاشر العباد- على مثال القوارير أدنى شيء يعيبها، وجملة ما أقول لك: إن جوارحي كلها مشغولة بك فالله الله في أمري وأمرك، قال: فمضى الشاب إلى منزله وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي! فأخذ قرطاساً وكتب كتاباً ثم خرج من منزله وإذا بالمرأة واقفة في موضعها فألقى الكتاب إليها ورجع إلى منزله، وكان فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: اعلمي أيتها المرأة أن الله -عزّ وجل- إذا عصاه العبد حلم، فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستره، فإذا لبس لها