للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليعلم العبد أن "الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم هو ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة".

فأما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر.

* وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران.

فلا يبقى إلا القسم الرابع، فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع، وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقيق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجاً يخفي دركه فيكون الإنسان به مخاطراً" (١) .

وفصل الخطاب قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من صمت نجا" صلى الله على من أوتي جواهر الحكم وجوامع الكلم، ولا يعرف ما تحت آحاد كلماته من بحار المعاني إلا خواصُ العلماءِ.

قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم" (٢) .

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الصيام جُنة من النار، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه، وليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" (٣) .

وعند البخاري من حديث أبي هريرة قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب (٤) ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم...." الحديث.

قال الحافظ في "الفتح" (٤/١٢٦) :

(فلا يرفث) بالضم والكسر ويجوز في ماضيه التثليث: والمراد بالرفث هنا: وهو


(١) رواه أحمد والترمذي عن ابن عمرو وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٦٣٦٧) .
(٢) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة.
(٣) صحيح: رواه النسائي عن عائشة وصححه السيوطي والألباني في "صحيح الجامع" رقم (٣٨٧٨) .
(٤) للأكثر بالصاد، ولبعضهم بالسين وهو بمعناه: والصخب: الخصام والصياح.

<<  <  ج: ص:  >  >>