للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل. وإن كان صومه مجزئاً عند الجمهور بحيث لا يؤمر بإعادته لأن العمل إنما يبطل بارتكاب ما نهي عنه فيه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به هذا هو أصل قول جمهور العلماء، ولهذا المعنى والله أعلم ورد في القرآن بعد ذكر تحريم الطعام والشراب. على الصائم بالنهار ذكر تحريم أكل أموال الناس بالباطل، فإن تحريم هذا عام في كل زمان ومكان بخلاف الطعام والشراب إلى أنّ من امتثل أمر الله في اجتناب الطعام والشراب في نهار صومه فليمتثل أمره في اجتناب أكل الأموال بالباطل فإنه محرم بكل حال لا يباح في وقت من الأوقات" (١) .

* قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر" (٢) .

* وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش" (٣) .

قال الغزالي: "قيل هو الذي يفطر على حرام، أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة، أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام".

قال المناوي: "أما الفرض فيسقط والذمة تبرأ بعمل الجوارح فلا يعاقب عقاب ترك العبادة بل يعاتب أشد عتاب حيث لم يرغب فيما عند ربه من الثواب" (٤) .

الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه:

لأن كل ما حُرّم قوله حُرِّم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله -عز وجل- بين المستمع


(١) "لطائف المعارف" (ص ١٦٣، ١٦٤) .
(٢) صحيح: رواه ابن ماجه عن أبي هريرة، ورواه أيضاً النسائي، وصححه السيوطي، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (رقم ٣٤٨٨) .
(٣) صحيح: رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر، وأحمد والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة، قال المناوي: "قال الحافظ العراقي إسناده حسن، وقال تلميذه الهيثمي: رجاله موثقون" وصححه السيوطي، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٣٤٩٠) .
(٤) "فيض القدير" (٤/١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>