وآكل السحت، فقال تعالى:(سماعون للكذب أكالون للسحت)[المائدة: ٤٢] ، وقال عز وجل:(لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت)[المائدة: ٦٣] .
ولله در الشاعر:
إذا لم يكن في السمع مني تصاون ... وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ
فحظي إذاً من صومي الجوع والظما ... فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام:
كف اليد والرِجل عن المكاره، وكفّ البطن عن الشهوات وقت الإفطار. فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام. فمثال هذا الصائم مثال من يهدم قصراً ويبني مصراً، فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه، فالصوم لتقليله، وتارك الاستكثار من الدواء خوفاً من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيهاً. والحرام سم مهلك للدين. والحلال دواء ينفع قليله، ويضر كثيره، وقصد الصوم تقليله.
الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار: لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتليء جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال، وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره وربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر.
ورقة القلب وصفاؤه إِنما تكون بترك الشبع.
قال الجنيد: يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام ويريد أن يجد حلاوة المناجاة.
- عند أكل الصالحين تنزل الرحمة.
- حق للمرء أن يتناول الطعام تناول مضطر عالم بقذارة مآله، "وأن يرى إدخاله في نفسه كدخول المستراح، ويتحقق أن نسبة الإنسان إلى الثمار والفواكه نسبة الجعل إلى الروث، فلو نطق الشجر لقال لك أنت تأكل فضالتي، كما يأكل الجعل فضالتك،