للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السندي قوله: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال ... " قيل: وما معنى هذا مع أنه ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل؟ قلت: يحتمل أمران:

أحدهما: أن أعمال العباد يعرض على الله تعالى كل يوم ثم تعرض عليه أعمال الجمعة كل اثنين وخميس ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان فتعرض عرضاً بعد عرض ولكل عرض حكمة يطلع عليها من شاء من خلقه أو يستأثر بها عنده مع الله تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية.

ثانيهما: أن المراد أنها تُعرض في اليوم تفصيلاً ثم في الجمعة جملة أو بالعكس (١) باب: "الصوم من آخر الشهر" يعني شعبان.

عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له أو لآخر: "أصمت من سرر شعبان؟ قال: لا، قال: فإذا أفطرت فصم يومين" (٢) .

وفي رواية عند مسلم "فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه".

قال ابن حجر: "السرر بفتح السين المهملة ويجوز كسرها وضمها جمع سرة ويقال أيضاً سرار بفتح أوله وكسره، ورجّح الغراء الفتح، وهو من الاستسرار، قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين. ونقل داود عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أن سرره أوله، ونقل الخطابي عن الأوزاعي كالجمهور".

قال النووي في "شرح مسلم" (٣/٢٢٨-٢٢٩) :

"قال البيهقي في "السنن الكبير" بعد أن روى الروايتين عن الأوزاعي: الصحيح آخره، ولم يعرف الأزهري أن سرره أوله، قال الهروي: والذي يعرفه الناس أن سرره آخره".

قال القاضي. الأشهر أن المراد بآخر الشهر كما قاله أبو عبيد والأكثرون، وعلى هذا يقال: هذا الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة في النهي عن تقديم رمضان بصوم يوم


(١) "حاشية السندي على سنن النسائي" (ج ٤/٢٠٢) .
(٢) رواه مسلم واللفظ له والبخاري وعند البخاري "أما صمت سَرَر هذا الشهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>