وفي رواية الترمذي:"إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا".
اختلف العلماء في صحة هذا الحديث منهم من صححه ومنهم من ضعفه.
أما الذين صححوه فقد أوّلوه ففسروه تفسيراً لا يتعارض مع ما تقدم من الأدلة على كثرة الصيام في شعبان:
* فقد قال الترمذي عقب روايته:"حديث حسن صحيح لا نعرفه إلّا من هذا الوجه على هذا اللفظ"، ثم قال: ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطراً فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان ا. هـ.
وقال ابن خزيمة في "صحيحه"(٣/٢٨٢) :
"باب إباحة وصل صوم شعبان بصوم رمضان"، والدليل على أن معنى خبر أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان" أي لا تواصلوا شعبان برمضان فتصوموا جميع شعبان لا أنه نهي عن الصوم إذا انتصف شعبان نهياً مطلقاً.
هذا كلام من صحح الحديث وخلاصته أن النهي محمول على اختصاص النصف الأخير بالصيام أو على عدم وصل شعبان برمضان.
* أما الذين ضعفوه:
فقد قال ابن حجر (٤/١٥٣-١٥٤) :
"قال جمهور العلماء. يجوز الصوم تطوعاً بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه. وقال أحمد وابن معين إنه منكر وقد استدل البيهقي بحديث الباب على ضعفه فقال: الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء وكذا صنع قبله الطحاوي واستظهر بحديث ثابت عن أنس مرفوعاً "أفضل الصيام بعد رمضان شعبان" لكن إسناده ضعيف، واستظهر أيضاً بحديث عمران بن حصين، ثم جمع بين الحديثين بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم، وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان، وهو جمع حسن والله أعلم".
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "لطائف المعارف"(ص ١٤٢) :