بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص فإن الفرائض تجبر أو تكمل بالنوافل يوم القيامة كما ورد ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه متعددة وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال، ولهذا نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقول الرجل صمت رمضان كله أو قمته كله قال الصحابي فلا أدري أكره التزكية أم قال لابد من رقدة أو غفلة.
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول:"من لم يجد ما يتصدق به فليصم" يعني من لم يجد ما يخرجه صدقة الفطر في آخر رمضان فليصم بعد الفطر، فإن الصيام يقوم مقام الإطعام في التكفير للسيئات كما يقوم مقامه في كفارات الأيمان وغيرها من الكفارات في مثل كفارات القتل والوطء في رمضان والظهار.
* ومنها أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله إذا تقبّل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده كما قال بعضهم:"ثواب الحسنة الحسنة بعدها"، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بعد بحسنة كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.
* ومنها أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكرا لهذه النعمة فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب.
"كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول: (أفلا أكون عبداً شكوراً) ".
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره وغير ذلك من أنواع شكره فقال:(ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) .
فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقب ذلك.
كان بعض السلف إذا وُفِّق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهاره صائماً، ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.