للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: "وعلى كل حال فلم يصمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقتداء بهم (١) فإنه كان يصومه قبل ذلك وكان ذلك في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه" (٢) .

وقال: "فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضاً كما ثبت في الصحيح، فهذا من ذلك، فوافقهم أولاً وقال: "نحن أحق بموسى منكم"، ثم أحب مخالفتهم فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده خلافا لهم.

وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر والله أعلم".

وقال ابن حجر أيضاً (٤/٢٩٢) : "في رواية مسلم: "كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدا" فظاهره أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه لأن يوم العيد لا يصام، وحديث ابن عباس يدل على أن الباعث على صيامه موافقتهم على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى، لكن لا يلزم من تعظيمهم له واعتقادهم بأنه عيد أنهم كانوا لا يصومونه فلعلهم كان من جملة تعظيمهم في شرعهم أن يصوموه".

قال ابن رجب: "وهذا يدل على النهي عن اتخاذه عيدا".

* وكان طائفة من السلف يصومون عاشوراء في السفر منهم ابن عباس، وأبو إسحاق السبيعي، والزهري. قالوا له: "يا أبا بكر تصوم يوم عاشوراء في السفر، وأنت تفطر في رمضان في السفر؟ " فقال: "إن رمضان له عدة من أيام أخر، وعاشوراء يفوت" (٣) .

وروى عبد الرزاق بإسناده عن طاووس أنه كان يصوم عاشوراء في الحضر ولا يصومه في السفر.

قال ابن حجر (٤/٢٨٩) : "نقل ابن عبد البر الإجماع على أنه الآن ليس


(١) أي باليهود.
(٢) "فتح الباري" (٤/٢٩١، ٢٨٨) .
(٣) "التمهيد" (٧/٢١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>