للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى فقال له: إنك أُمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن، فقال له: يا روُح الله إني أخشى أن سبقتني أن أُعذب أو يُخسف بي، فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن:

وأولهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، فإنّ مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، ثم أسكنه داراً، فقال له: اعمل وارفع إليِّ، فجعل العبد يعمل ويرفع إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئاً.

وأمركم بالصلاة، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل يقبل بوجهه على عبده ما لم يلتفت.

وأمركم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجل معه صُرّة مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

وأمركم بالصدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال لهم: هل لكم أن أفتدي نفسي منكم؟ فجعل يفدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فكّ نفسه.

وأمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سِراعاً في أثره فأتى حصناً حصيناً فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله.

وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهنّ: الجماعة، والسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجعِ، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثاء جهنم، وإن صام وزعم أنه مسلم، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله" (١) .


(١) صحيح: رواه أحمد في مسنده، والبخاري في "التاريخ"، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، والحاكم في "المستدرك" عن الحارث بن الحارث الأشعري، وصححه الحاكم والترمذي وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (١٧٢٤) ، ورواه أيضاً الآجري، والطيالسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>