ونقل ابنُ العربي عن ابن سريج أن قولَه "فاقدروا له" خطاب لمن خصّه الله بهذا العلم، وأن قوله "فأكملوا العدة" خطاب للعامة. قال ابن العربي: فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم. بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد، قال: وهذا بعيد عن النُّبلاء.
وقال ابنُ الصلاح: معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة، وأما معرفة الحساب فأمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد، قال: فمعرفة منازل القمر تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم، وهذا هو الذي أراده ابنُ سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه. ونقل الروياني عنه أنه لم يقل بوجوب ذلك عليه، وإنما قال بجوازه، وهو اختيار القفال وأبي الطيب، وأما أبو إسحاق في "المهذب" فنقل عن ابن سريج لزوم الصوم في هذه الصورة فتعدّدت الآراء في هذه المسألة بالنسبة إلى خصوص النظر في الحساب والمنازل:
أحدها: الجواز ولا يجزيء عن الفرض.
ثانيها: يجوز ويجزيء.
ثالثها: يجوز للحاسب ويجزئه لا للمنجم.
رابعها: يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم.
خامسها: يجوز لهما ولغيرهما مطلقاً.
وقال ابنُ الصباغ: أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا. قلت: ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك، فقال في الإشراف: صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة، وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته، هكذا أطلق ولم يفصل بين حاسب وغيره، فمن فرّق بينهم كان محجوجاً بالإجماع قبله".
* قال النووي في "روضة الطالبين" (٢/٣٤٧-٣٤٨) : لا يجب مما يقتضيه حساب المنجم الصوم عليه، ولا على غيره.
قال الروياني: وكذا من عرف منازل القمر، لا يلزمه الصوم به على الأصح.