للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي منهم من حدد ذلك بما تختلف فيه المطالع: كالحجاز مع الشام، والعراق مع خراسان، وكلاهما ضعيف، فإن مسافة النصر لا تعلق لها بالهلال.

وأيضاً فإن هلال الحج ما زال المسلمون يتسكعون فيه برؤية الحجاج القادمين، وإن كان فوق مسافة القصر.

وأيضاً إذا اعتبرناها كمسافة القصر، أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم فعليه أن يصوم ويفطر وينسك وآخر بينه غلوة سهم لا يفعل شيئاً من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين.

ثم يقول "والاعتبار ببلوغ الرؤية في وقت يفيد. الأشبه أنه إن رؤي بمكان قريب وهو ما يمكن أن يبلغهم خبره في اليوم الأول فهو كما لو رؤي في بلدهم، ولم يبلغهم، وأما إذا رؤي بمكان لا يمكن وصول خبره إليهم إلا بعد مضي الأول فلا قضاء عليهم".

وقال (ص١٠٧) "فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ لقوله "صوموا لرؤيته" فمن بلغه أنه رؤي ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً، وهذا يطابق ما ذكره ابن عبد البر في أن طرفي المعمورة لا يبلغ الخبر فيهما إلا بعد شهر فلا فائدة فيه، بخلاف الأماكن الذي يصل الخبر فيها قبل انسلاخ الشهر فإنها محل الاعتبار.

ويقول ابن تيمية في (ص١٠٨) : وهذا الذي ذكرته هو الذي ذكره أصحابنا، إلا وجوب القضاء إذا لم يكن مما يمكنهم فيه بلوغ الخبر.

والحجة فيه أنا نعلم بيقين أنه ما زال في عهد الصحابة والتابعين يرى الهلال في بعض أمصار المسلمين، بعد بعض، فإن هذا من الأمور المعتادة التي لا تبديل لها، ولابد أن يبلغهم الخبر في أثناء الشهر، فلو كانوا يجب عليهم القضاء لكانت هممهم تتوفر على البحث عن رؤيته في سائر بلدان الإسلام، كتوفرها على البحث عن رؤيته في بلده، ولكان القضاء يكثر في أكثر الرمضانات، ومثل هذا لو كان لنقل، ولما لم ينقل دل على أنه لا أصل له، وحديث ابن عباس يدل على هذا فتلخص: أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدي بتلك الرؤية الصوم أو الفطر أو النسك وجب اعتبار ذلك بلا شك، والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>