للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم" رواه الدارقطني وقال: رواته كلهم ثقات، قال: ولا أعلم له علة.

قال البيهقي: وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس والحسين بن علي وزيد بن أرقم وعائشة وأم سلمة - رضي الله عنهم -، واستدل الأصحاب بالقياس على الفصد والرعاف.

وقد رد العلماء على حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" بأجوبة:

(أحدها) ما ذكره الشافعي في "الأم" وتابعه عليه الخطابي والبيهقي أنه منسوخ بحديث ابن عباس وغيره.

فحديث شداد بن أوس قال الشافعي: وابن عباس إنما صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محرماً في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة ولم يصحبه محرماً قبل ذلك، وكان الفتح سنة ثمان بلا شك، فحديث ابن عباس بعد حديث شداد بسنتين وزيادة، قال: فحديث ابن عباس ناسخ.

قال البيهقي: ويدل على النسخ أيضاً قوله في حديث أنس "ثم رخص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد في الحجامة" قال: وحديث أبي سعيد الخدري السابق أيضاً فيه لفظ الترخيص، وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي.

(الجواب الثاني) أجاب به الشافعي أيضاً أن حديث ابن عباس أصح، ويعضده أيضاً القياس فوجب تقديمه.

* قال ابن خزيمة: ثبتت الأحاديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" فقام بعض من خالفنا في هذه المسألة وقال: لا يفطر لحديث ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "احتجم وهو محرم صائماً" ولا حجة له في هذا؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر فاحتجم وصار مفطراً، وذلك جائز. هذا كلام ابن خزيمة حكاه الخطابي في "معالم السنن" ثم قال: وهذا تأويل باطل، لأنه قال: احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة، ولو بطل صومه بها لقال: أفطر بالحجامة كما يقال: أفطر الصائم بأكل الخبز، ولا يقال: أكله وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>