مراسيلة، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود" وهذا منها، هذا من جهة الصناعة الحديثية.
* وأما من جهة النظر فإن ابن مسعود لم يقبل رواية حذيفة. بل ردها، ولو ثبت رفع الحديث لما تجاسر على ذلك، وهو من أئمة الصحابة وفقهائهم، وقد أفتى بخلاف ذلك.
فقد أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والطبراني بسند صحيح عن شداد ابن الأزمع قال: "اعتكف رجل في المسجد في خيمة له فحصبه الناس، قال: فأرسلني الرجل إلى ابن مسعود، فجاء عبد الله وطرد الناس، وحسن ذلك" أ. هـ فعُلِم أن حذيفة إنما قال ذلك اجتهادًا منه، ولم يكن ابن مسعود ملزمًا باجتهاده.
الثاني: مما يضعف الاستدلال بهذا الخبر قول ابن مسعود -رضي الله عنه- (لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت فأصابوا) :وهذا تصريح منه بخطأ حذيفة ونسيانه في رواية الحديث وصواب عمل الآخرين بخلاف، فلعل حذيفة اشتبه عليه حديث "لا تشد الرحال ... " فإنه قريب منه، لا سيما أن الخطابي قد ذكر في "معالم السنن" (٢/٢٢٢) : أن بعض أهل العلم استنبط من حديث النهي عن شد الرحال أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة.
* وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "قال عبد الله: (فعلّهم أصابوا وأخطأت) ؛ فهذا يدل على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى ان عبد الله يخالفه ويجوّز الاعتكاف في كل مسجد، ولو كان ثم حديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما خالفه".
الثالث: أن في متن الحديث اختلافًا وشكًا: قد رواه سعيد بن منصور في "سننه"، ومنتقى الأخبار للمجد عن شقيق قال: قال حذيفة لعبد الله بن
مسعود: قد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" أو قال: "مسجد جماعة".
ورواه الطبراني بسند صحيح عن النخعي وفيه: قال حذيفة: "أما أنا فقد