* أين حرق المجتهدين في نهاره، أين قلق المتهجدين في أسحاره، كيف حال من خسر في أيامه ولياليه، ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه، وقد عظمت فيه مصيبتُ وجَل عزاؤه. كم نصح المسكين فما قبل النصح، كما دُعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح، كم يشاهد الواصلين فيه وهو متباعد، كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاق به الوقت، وخاف المقت، ندم على التفريط حين لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في وقت العدم.
أتترك من تحب وأنت جار ... وتطلبهم وقدْ بعد المزار
وتبكي بعد نأيهم اشتياقا ... وتسأل في المنازل أين ساروا
تركت سؤالهم وهم حضور ... وترجو أن تخبرك الديارُ
فنفسك لُمْ ولا تلم المطايا ... ومتْ كمدا فليس لك اعتذارُ
* يا شهر رمضان تَدَققْ، دموع المحيين تَدفَّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّقْ. عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام ما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يُعتق.
عسى وعسى من قبل وقت التفرقِ ... إلى كلّ ما يرجو من الخير تلتقي