للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه أمر الله تعالى، ولو قال إنسان لوكيله: اشتر ثوبًا، وعلم الوكيل أن غرضه التجارة، وجد سلعة هي أنفع لموكله، لم يكن له مخالفته وإن رآه أنفع، فما يجب لله تعالى بأمره أولى بالاتباع.

كما لا يجوز في الصلاة إقامة السجود على الخد والذقن مقام السجود على الجبهة والأنف والتعليل فيه بمعنى الخضوع؛ لأن ذلك مخالفة للنص وخروج على معنى التعبد، كذلك لا يجوز في الزكاة إخراج قيمة الشاة أو البعير أو الحب أو الثمر المنصوص على وجوبه؛ لأن ذلك خروج على النص وعلى معنى التعبد، والزكاة أخت الصلاة" (١) اهـ.

وبيان ذلك أن الله سبحانه أمر بإيتاء الزكاة في كتابه أمراً مجملاً بمثل قوله تعالى: (وآتوا الزكاة) وجاءت السنة ففصلت ما أجمله القرآن وبينت المقادير المطلوبة بمثل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "في كل أربعين شاة شاة" وقوله: "في كل خمسة من الإبل شاة" إلخ، فصار كأن الله تعالى قال: وآتوا الزكاة من كل أربعين شاة شاة فتكون الزكاة حقًا للفقير بهذا النص، فلا يجوز الاشتغال بالتعليل لإبطال حقه من العين.

(٢) إخراج القيمة خلاف ما أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفرضه، وقد روى أبو داود وابن ماجة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر" (٢) . وهو نص يجب الوقوف عنده، فلا يجوز تجاوزه إلى أخد القيمة لأن في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئًا غير الحب، ومن الغنم شيئًا غير الشاة ... إلخ، وهو خلاف ما


(١) المغني (-٥/٤٣٠) .
(٢) صححه الحاكم على شرطهما إن صح سماع عطاء عن معاذ، ولم يسمع منه لانه ولد بعد موته أو في سنة موته أو بعد موته بسنة، وقال البزار: "لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ".
انظر "فيض القدير" للمناوي (٣/٤٣٣) ، وكذا ضعيف الجامع الصغير رقم (٢٨٣٥) .
قال المناوي -رحمه لله-: (والمراد أن الزكاة من جنس المأخوذ منه، هذا هو الأصل، وقد يعدل عنه لموجب) اهـ من "فيض القدير" (٣/٤٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>