للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله تعالى (١) -:"ولنا قول ابن عمر: فرض رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدقة الفطر صاعًا من تمر، وصاعًا من شعير، فإذا عدل عن ذلك فقد ترك للفروض، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "في أربعين شاة شاةٌ، وفي مائتي درهم خمسة دراهم وهو وارد بيانًا لمجمل قوله تعالى: وآتوا الزكاة فتكون الشاة المذكورة هي الزكاة المأمور بها، والأمر يقتضي الوجوب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرض الصدقة على هذا الوجه، وأمر بها أن تؤدى، ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات أنه قال: "هذه الصدقة التي فرضها رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر بها أن تؤدى" ا. هـ.

وفي رواية: "إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين التي أمر الله بها ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها".. الحديث قال الحافظ: "على وجهها" أي: "على الكيفية المبينة في هذا الحديث" ا. هـ.

أما حديث معاذ -رضي الله عنه- وفيه: "خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم" ... الحديث. فقد قال ابن قدامة -رحمه لله- "ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه كما لو أخرج الرديء مكان الجيد" (٢) . ا. هـ.

وقال الشوكاني -رحمه لله-: وقد استدل بهذا الحديث من قال إنها تجب الزكاة من العين، لا يعدل عنها إلى القيمة إلا عند عدمها، وعدم الجنس، وقال أيضاً: "فالحق أن الزكاة واجبة من العين لا يعدل عنها إلى القيمة إلا لعذر" (٣) .

وقال الشوكاني أيضاً في السيل الجرار: "أقول: الثابت في أيام النبوة أن الزكاة كانت تؤخذ من عين المال الذي تجب فيه، وذلك معلوم لا شك فيه، وفي أقواله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يرشد إلى ذلك، ويدل عليه كقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى


(١) المغني ٣/٦٥- ٦٦.
(٢) المغني ٣/٦٦.
(٣) نيل الأوطار ٤/١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>