للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصبح النفس المطمئنة ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنَّة (١) .

وأعظم بعبادة متميزة بخاصية النسبة إلى الله تعالى من بين سائر الأركان، وجاوز ثوابها قانون التقدير والحسبان، فيفرغ للصائم جزاؤه إفراغاً، ويجازف جزافاً فلا يدخل تحت وهم وتقدير.

وناهيك بعبادة يباهي الله بها ملائكته، والله غني وهو الكريم يا أخي عن تجويع القوم.. فافهم من الخلوف معنى الصوم فأنت المراد من هذا الكون.

فكم من ملائكة كرام ما ذاقوا طعاما ولا شربوا شراباً ليس لهم مرتبة "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك".

فيا إخوتاه البدار البدار، كلوا من طعام الجد، واشربوا دموع الأسف، تناولوا من طعام الاستغفار ولو جرعة، صاح مُمسك قنديل الأمل، لرؤية فجر الأجل.

رحم الله أقواماً رمضانهم دائم وشوالهم صائم.

في رضاكم رمضان عمره ... ينقضي ما بين إدبار وطيّ

وعلى الطرف الآخر آخر أحواله تشبه شهور السنة "ماله في باب الإيثار المحرم، وقلبه من الذكر صفر، وهواه وشهواته ربيعان وكفاه في البذل جُمادَيَان، وسمعه عن المواعظ رجب، وهمه في شبابه شعبان" (٢) ، فكن كما شئت فإنما تجني ما تغرس.

ولا يدرك ألطاف وعطايا الربَّانية إلا من ربَّى للصوم نيَّة.

غرس القوم نخل العزائم من نهر باب الريان ونبات عزمك نبات الكشوت (٣) يروى من ماء صديد.


(١) المنة بالضم: القوة، وخمق بعضهم به قوة القلب، يقال: هو ضعيف المنة، ويقال: هو طويل المنة، حسن السنة
قوي المنة، الأمة: القامة، والسنة: الوجه، والمنة: القوة.
(٢) "مقامات ابن الجوزي".
(٣) نبات معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>