أولو الأمر والحكام على الناس ويَعْرِفُه الناس معرفة لا يشكون فيها وفي المراد منها، وما كان هكذا فالشريعة لا ترده، بل تقبله، وتأمر به عند تيسره، والترجمة التي يحصل بها العلم، لم يزل العمل بها على أي طريقة وصفة كانت.
ويَدُلُّ على هذا أنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أمر بالتبليغ عنه وتبليغ شرعه وحث على ذلك بكل وسيلة وطريقة.
والتبليغ أنواع متعددة:
فتارةً تبليغ ألفاظ الكتاب والسنة.
- وتارة تبليغ معانيها.
- وتارة تبليغ الأحكام الثابتة شرعًا: لِيَصِل علمها إلى الناس، فيتمكنون من العمل بما شَرَعَهُ الله.
والإخبار بالرمي والإبراق من هذا النوع، فإنه إذا ثبت بالطُّرق الشرعية وجوب الصيام والفطر على الناس، أو وجوب شريعة من الشرائع، تعين على ولاة الأمر تبليغ الناس بأسرع ما يقدرون عليه، ليقوم الناس بما أمر الله به ورسوله في الصيام، والفطر، والصلاة وغيرهما.
وكلما كان الطريق للتبليغ به أقوى وأسرع أو أشمل، كان أولى من غيره وكان داخلا في تبليغ الأحكام الشرعية. فدخل في هذا: تبليغهم بجميع المقربات. وبذلك يعلم حكمِ إيصال أصوات المبُلِّغين عن الشارع من الخُطَباء والوعاظ وغيرهم بالآلات الموُصلة للأصوات إلى مَسَامع الخلق.
وهذه المسألة أوضح من أن يحتج لها، لكن لما حصل الاشتباه فيها على كثير من الناس احتيج إلى بيان الأصول الشرعية التي أخذت منها.
* ومما يؤيد ذلك، ويوضحه: أن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر من أكبر واجبات الدين، ومن أعظم ما يدخل في ذلك أنه إذا ثبتت الأحكام الشرعية التي يتوقف عمل الناس بها على بلوغ الخبر، فإنه يتعين على القادرين إيصالها إلى الناس بأسرع طريق وأَحْسَن وسيلة يتمكنون بها من أداء الواجبات، وتوقي المحرمات، ولا يشك أحد أن