وبعد: فقد نشر لي في (المسلمون) يوم السبت ٢٨ شعبان ١٤٠٥ هـ جواب حول ترخص المبتعث برخص السفر من القصر والفطر ومسح الخفين ثلاثة أيام وكان الجواب مختصرًا وقد طلب مني بعض الإخوان أن أبسط القول في ذلك بعض البسط فأقول -وبالله التوفيق ومنه الهداية والصواب-:
المغتربون عن بلادهم لهم ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يَنْووا الإقامة المطلقة بالبلاد التي اغتربوا إليها كالعمال المقيمين للعمل والتجار المقيمين للتجارة ونحوهم ممن يقيمون إقامة مطلقة فهؤلاء في حكم المستوطنين في وجوب الصوم عليهم في رمضان وإتمام الصلاة والاقتصارعلى يوم وليلة في مسح الخفين، لأن إقامتهم التي اغتربوا إليها لا يخرجون منها إلا أن يخرجوا.
الحالة الثانية: أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين لا يدرون متى ينتهي، ومتى انتهى
رجعوا إلى بلادهم، كالتجار الذي يقدمون لبيع السلع أو شرائها ثم يرجعون، وكالقادمين لمراجعة دوائر حكومية أو غيرها لا يدرون متى ينتهي غرضهم حتى يرجعوا إلى بلادهم فهؤلاء في حكم المسافرين فلهم الفطر وقصر الصلاة الرباعية ومسح الخفين ثلاثة أيام ولو بقوا سنوات. هذا قول جمهور العلماء بل حكاه ابن المنذر إجماعًا لكن لو ظن هؤلاء أن الغرض لا ينتهي إلا بعد المدة التي ينقطع بها حكم السفر فهل لهم الفطر والقصر؟ على قولين.
الحالة الثالثة: أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين يدرون متى ينتهي، ومتى انتهى رجعوا إلى بلادهم بمجرد انتهائه، فقد اختلف أهل العلم -رحمهم الله- في حكم هؤلاء فالمشهور عن مذهب الإمام أحمد أنهم إن نووا إقامة أكثر من أربعة أيام أتموا وإن نووا دونها قصروا، قال في "المغني"(صفحة ٢٨٨ المجلد الثاني) وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور قال: وروى هذا القول عن عثمان -رضي الله عنه- وقال الثوري وأصحاب الرأي إن أقام خمسة عشر يومًا مع اليوم الذي يخرج فيه أتم، وإن نوى دون ذلك قصر -انتهى- وهناك أقوال أخرى ساقها النووي في "شرح المُهَذب"(صفحة ٢٢٠ المجلد الرابع) تبلغ عشرة أقوال وهي أقوال اجتهادية متقابلة ليس فيها نص يفصل بينها ولهذا