ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، إلى أن هؤلاء في حكم المسافرين لهم الفطر وقصر الصلاة الرباعية والمسح على الخفين ثلاثة أيام. انظر "مجموع الفتاوى - جمع ابن قاسم" صفحة (١٣٧، ١٣٨، ١٨٤) مجلد (٢٤) و"الاختيارات" صفحة (٧٣) وانظر "زاد المعاد لابن القيم" صفحة (٢٩) مجلد (٣) أثناء كلامه على فقه غزوة تبوك.
وقال في "الفروع" لابن مفلح -أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية- صفحة (٦٤) مجلد (٢) بعد أن ذكر الخلاف فيما إذا نوى مدة فوق أربعة أيام قال: "واختار شيخنا وغيره القصر والفطر وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن بها قامته لقضاء حاجة بلا نية إقامة". انتهى.
واختار هذا القول الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. انظر صفحة (٣٧٢، ٣٧٥) مجلد (٤) من "الدرر السنية"، واختاره أيضًا الشيخ محمد رشيد رضا صفحة (١١٨٠) المجلد الثالث من "فتاوى المنار"، وكذلك اختاره شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي صفحة (٤٧) من "المختارات الجلية".
وهذا القول هو الصواب، لمن تأمل نصوص الكتاب والسنة.
فعلى هذا: يفطرون ويقضون كأهل الحال الثانية، لكن الصوم أفضل إن لم يشق، ولا ينبغي أن يؤخروا القضاء إلى رمضان ثان؛ لأن ذلك يوجب تراكم الشهور عليهم فيثقل عليهم القضاء أو يعجزوا عنه.
والفرق بين هؤلاء وأهل الحال الأولى: أن هؤلاء أقاموا لغرض معينّ ينتظرون انتهاءه، ولم ينووا الإقامة المطلقة، بل لو طلب منهم أن يتموا بعد انتهاء غرضهم لأبوا ذلك، ولو انتهى غرضهم قبل المدة التي نووها ما بقوا في تلك البلاد.
أما أهل الحال الأولى: فعلى العكس من هؤلاء، فهم عازمون على الإقامة المطلقة مستقرون في محل الإقامة لا ينتظرون شيئًا معينا ينهون إقامتهم بانتهائه، فلا يكادون يخرجون من مغتربهم هذا إلا بقهر النظام فالفرق ظاهر للمتأمل، والعلم عند الله تعالى.
فمن تبين له رجحان هذا القول فعمل به فقد أصاب ومن لم يتبين له فأخذ بقول الجمهور فقد أصاب؛ لأن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد التي من اجتهد فيها فأصابَ