. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ تَمَامًا
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّ " وَفِي رِوَايَةٍ " ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ سِتَّ سِنِينَ " قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ بَعَدَ سِتِّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَتِهِ. وَتَأَوَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مِنًى، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِإِتْمَامِ عُثْمَانَ بَعَدَ صَدْرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِتْمَامِ بِمِنًى خَاصَّة
وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةٍ بِأَنَّ إتْمَامَ عُثْمَانَ كَانَ بِمِنًى. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ فِي ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ،» قَوْلُهُ: (عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " عَجِيبٌ مَا عَجِبْتَ مِنْهُ " وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ
قَوْلُهُ: (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْقَائِلِ: تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَاَللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيْنَا، وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْقَصْرُ وَاجِبٌ أَمْ رُخْصَةٌ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ؟ ، فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ إلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي الْمَعَالِم: كَانَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي السَّفَرِ، هُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: يُعِيدُ مَنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا. وَقَالَ مَالِكٌ: يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ اهـ. وَإِلَى الثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْصَرُ فِي الصُّبْحِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ.
وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ الْخَوْفُ فِي السَّفَرِ، وَبَعْضُهُمْ كَوْنُهُ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ كَوْنُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ. احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْقَصْرِ بِحُجَجٍ: الْأُولَى مُلَازَمَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْقَصْرِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَتَمَّ الرُّبَاعِيَّةَ. فِي السَّفَرِ أَلْبَتَّةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْآتِي الْمُشْتَمِلُ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ. وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمُلَازَمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ وَغَيْرُهُمْ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا: «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ» وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute