للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، حَتَّى إذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتْمَمْتُ وَقَصَرْتَ» الْحَدِيثَ، وَفِي إسْنَادِهِ الْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيّ عَنْهَا وَالْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ مَا لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُوَافِقْ الْأَثْبَاتَ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْهَا، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَدْرَكَ عَائِشَةَ وَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ مُرَاهِقٌ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أُدْخِلَ عَلَيْهَا وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا، وَادَّعَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّحَاوِيُّ ثُبُوتَ سَمَاعِهِ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: مَنْ قَالَ فِيهِ: عَنْ عَائِشَةَ، فَقَدْ أَخْطَأَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ، فَقَالَ فِي السُّنَنِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَالَ فِي الْعِلَلِ: الْمُرْسَلُ أَشْبَهُ. قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: إنَّ فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ نَكَارَةٌ وَهُوَ كَوْنُ عَائِشَةَ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ إلَّا أَرْبَعَ عُمَرَ لَيْسَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فِي رَمَضَانَ بَلْ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، إلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ فَكَانَ إحْرَامُهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَفِعْلُهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ.

قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ: وَتَمَحَّلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحُفَّاظُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ فَقَالَ: لَعَلَّ عَائِشَةَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ، وَكَانَ سَفَرُهُ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ حَتَّى اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ، فَأَشَارَتْ بِالْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالْفِطْرِ وَالصِّيَامِ وَالْعُمْرَةِ إلَى مَا كَانَ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ قَالَ: قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ " ثُمَّ رَأَيْت بَعَدَ ذَلِكَ الْقَاضِيَ عِيَاضًا أَجَابَ بِهَذَا الْجَوَابِ فَقَالَ: لَعَلَّ هَذِهِ عَمَلُهَا فِي شَوَّالٍ وَكَانَ ابْتِدَاءُ خُرُوجِهَا فِي رَمَضَانَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي صَحِيحِهِ: " اعْتَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرَ: الْأُولَى عُمْرَةُ الْقَضَاءِ سَنَةَ الْقَابِلِ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ الثَّانِيَةُ حَيْثُ فَتْحُ مَكَّةَ وَكَانَ فَتْحُهَا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا قِبَلَ هَوَازِنَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، فَلَمَّا رَجَعَ وَبَلَغَ الْجِعْرَانَةِ قَسَّمَ الْغَنَائِمَ بِهَا وَاعْتَمَرَ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ.

وَاعْتَمَرَ الرَّابِعَةَ فِي حَجَّتِهِ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيَّ فِي كَلَامٍ لَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: وَهِمَ فِي هَذَا فِي غَيْر مَوْضِعٍ، وَذَكَرَ أَحَادِيثَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا حَدِيثٌ لَا خَيْرَ فِيهِ وَطَعَنَ فِيهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ النَّحْوِيِّ، قَالَ فِي الْهَدْيِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ: وَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: هَذَا حَدِيثٌ كُذِبَ عَلَى عَائِشَةَ، وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ لِتُصَلِّيَ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ تُشَاهِدُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>