للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٥٧ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ وَصُمْتُ، وَقَصَرَ وَأَتْمَمْتُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي أَفْطَرْتَ وَصُمْتُ، وَقَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ، فَقَالَ: أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ) .

١١٥٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ، وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: إسْنَادٌ صَحِيحٌ) .

ــ

[نيل الأوطار]

هَذِهِ الصَّلَاةُ مَقْصُورَةً بِاعْتِبَارِ نُقْصَانِ الْعَدَدِ، وَقَدْ تُسَمَّى تَامَّةً بِاعْتِبَارِ تَمَامِ أَرْكَانِهَا وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْآيَةِ اهـ.

الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْبَابِ " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ " فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ صَدَقَةٌ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ فَقَطْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَبُولِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا مَحِيصَ عَنْهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمِنْهُمْ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمْ الْمُتِمُّ وَمِنْهُمْ الصَّائِمُ وَمِنْهُمْ الْمُفْطِرُ لَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ نَجِدْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَوْلَهُ: " فَمِنْهُمْ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمْ الْمُتِمُّ " وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَحَادِيثُ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَرَّرَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَادَتْ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ بَعَدَ مَوْتِهِ.

وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ عُثْمَانُ لَمَّا أَتَمَّ بِمِنًى، وَتَأَوَّلُوا لَهُ تَأْوِيلَاتٍ: قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَحْسَنُهَا أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَأَهَّلَ بِمِنًى، وَالْمُسَافِرُ إذَا أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ وَتَزَوَّجَ فِيهِ، أَوْ كَانَ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ أَتَمَّ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ «عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَمَّا قَدِمْتُ مِنًى تَأَهَّلْتُ بِهَا، وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إذَا تَأَهَّلَ رَجُلٌ بِبَلَدٍ فَلْيُصَلِّ بِهِ صَلَاةَ مُقِيمٍ» وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضًا وَقَدْ أَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ بِانْقِطَاعِهِ وَتَضْعِيفِهِ عِكْرِمَةَ بْنَ إبْرَاهِيمَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْآتِي وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ، وَهَذَا النِّزَاعُ فِي وُجُوبِ الْقَصْرِ وَعَدَمِهِ. وَقَدْ لَاحَ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا رُجْحَانُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ.

وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ التَّمَام أَفْضَلُ فَمَدْفُوعَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْقَصْرِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَعَدَمِ صُدُورِ التَّمَامِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَبْعُدُ أَنْ يُلَازِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُولَ عُمْرِهِ الْمَفْضُولَ وَيَدَعَ الْأَفْضَلَ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِزِيَادَةِ: «أَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>