للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مَشْرُوعَةً، وَيَتَخَيَّر، إنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَحَصَّلَ ثَوَابهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْن دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ قَوْل ابْنَ عُمَرَ " فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ " يَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ فِي عَدَد رَكَعَات الْفَرْض، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ نَفْلًا، وَيَحْتَمِل أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَدُلّ عَلَى الثَّانِي رِوَايَة مُسْلِمٍ بِلَفْظِ " صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ قُلْت: يُسَبِّحُونَ، قَالَ: لَوْ كُنْت مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْت " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَره الِاقْتِصَار عَلَى الْفَرْض، وَلَمْ يُحْفَظ عَنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى سُنَّة الصَّلَاة قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا إلَّا مَا كَانَ مِنْ سُنَّة الْوِتْر وَالْفَجْر، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدَعهَا حَضَرًا وَلَا سَفَرًا انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَافَرْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا، فَلَمْ أَرَهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْر» قَالَ: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُت عِنْده، وَقَدْ اسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَنَقَلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رَآهُ حَسَنًا.

وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْض الْعُلَمَاءِ عَلَى سُنَّة الزَّوَال لَا عَلَى الرَّاتِبَة قَبْل الظُّهْر انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَر ابْنُ الْقَيِّمِ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي تَعَقَّبَهُ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْهَدْيِ فِي هَذَا الْبَحْثِ وَأَجَابَ عَنْهُ وَذَكَر حَدِيثَ عَائِشَةَ " أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا» وَأَجَابَ عَنْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَمْل قَوْل ابْنِ عُمَرَ: فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ، عَلَى صَلَاة السُّنَّة، وَإِلَّا فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْر رَاحِلَته حَيْثُ كَانَ وَجْهه.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَر قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَته حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ» قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ التَّطَوُّع فِي السَّفَر فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُون بِالتَّطَوُّعِ فِي السَّفَر بَأْس.

قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَافِرُونَ فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْل الْمَكْتُوبَة وَبَعْدهَا. قَالَ: وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ذَرٍّ. قَوْلُهُ: (بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّة فِي الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الِاقْتِصَار عَلَى أَذَان وَاحِد، وَالْإِقَامَة لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْ الصَّلَاتَيْنِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ نَجِدهُ مَرْوِيًّا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ ثَبَتَ لَقُلْت بِهِ. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيث. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَذَكَرْته لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ أَهْل الْبَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>