للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ الْجُمُعَة

بَابُ التَّغْلِيظ فِي تَرْكهَا

١١٧٩ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .

١١٨٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ) .

١١٨١ - (وَعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

ــ

[نيل الأوطار]

فَهَكَذَا نَصْنَع قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ فِعْله وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ، ثُمَّ تَأَوَّلَهُ بِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّ أَصْحَابه تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَأَذِنَ لَهُمْ لِيَجْتَمِعُوا لِيَجْمَع بِهِمْ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفه، وَلَوْ تَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ فِي حَقّ عُمَرَ لِكَوْنِهِ كَانَ الْإِمَام الَّذِي يُقِيم لِلنَّاسِ حُجَّتهمْ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ فِي حَقّ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ أَذَانٌ وَاحِدٌ فِي الْجَمْعِ وَإِقَامَةٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيم، وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ أَحْمَدَ وَابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ، وَقَوَّاهُ الطَّحَاوِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيد وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ أَحْمَدَ: إنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِإِقَامَتَيْنِ فَقَطْ، وَتَمَسَّكَ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُور فِي الْبَابِ، وَتَمَسَّكَ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ أُسَامَةَ الْمَذْكُور فِي الْبَابِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى ذِكْر الْإِقَامَة لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْ الصَّلَاتَيْنِ. وَالْحَقّ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ مُشْتَمِل عَلَى زِيَادَة الْأَذَان وَهِيَ زِيَادَة غَيْر مُنَافِيَة فَيَتَعَيَّن قَبُولهَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَان بَعِيرَهُ) فِيهِ جَوَاز الْفَصْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِمِثْلِ هَذَا، وَظَاهِر قَوْلُهُ: " وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَصَلَّى ثُمَّ حَلُّوا " الْمُنَافَاة لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: " ثُمَّ حَلُّوا رِحَالَهُمْ وَأَعَنْتُهُ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ " فَإِنْ أَمْكَن الْجَمْع إمَّا بِأَنَّهُ حَلَّ بَعْضُهُمْ قَبْل صَلَاة الْعِشَاءِ وَبَعْضُهُمْ بَعْدهَا أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالرِّوَايَة الْأُولَى أَرْجَح لِكَوْنِهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُرَجِّحهَا أَيْضًا الِاقْتِصَار فِي الرِّوَايَة الْمُتَّفَق عَلَيْهَا عَلَى مُجَرَّد الْإِنَاخَة فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>